وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا حد عليه لأن شهادتهم لم تكمل ولأنهم اختلفوا في المكان أشبه ما لو اختلفا في البيتين، فأما ان كانت الزاويتان متباعدتين فالقول فيهما كالقول في البيتين وعلى قول أبي بكر تكمل الشهادة سواء تقاربت الزاويتان أو تباعدتا ولنا أنهما إذا تقاربتا أمكن صدق الشهود بان يكون ابتداء الفعل في إحداهما وتمامه في الأخرى أو ينسبه كل اثنين إلى إحدى الزاويتين لقربه منها فيجب قبول شهادتهم كما لو اتفقوا بخلاف ما إذا كانتا متباعدتين فإنه لا يمكن كون المشهود به فعلا واحدا، فإن قيل فقد يمكن أن يكون المشهود به فعلين فلم أوجبتهم الحد مع الاحتمال والحد يدرأ بالشبهات، قلنا ليس هذا شبهة بدليل ما لو اتفقوا على موضع واحد فإن هذا يحتمل فيه والحد واجب والقول في الزمان كالقول في هذا متى كان بينهما زمن متباعد لا يمكن وجود الفعل الواحد في جميعه كطرفي النهار لم تكمل شهادتهم ومتى تقاربا كملت شهادتهم.
(مسألة) (وان شهد اثنان أنه زنى بها في قميص أبيض وشهد آخران أنه زنى بها في قميص أحمر كملت شهادتهم ويحتمل أن لا تكمل كما لو شهد كل اثنان أنه زنى بها في بيت غير الذي شهد به صاحباهما) وكذلك ان شهد اثنان انه زنى بها في قميص كتان أو شهد اثنان أنه زنى بها في قميص خز تكمل الشهادة، وقال الشافعي لا تكمل لتنافي الشهادتين.
ولنا انه لا تنافي بينهما فإنه يمكن أن يكون عليه قميصان فذكر كل اثنين واحدا وتركا ذكر الآخر ويمكن أن يكون عليه قميص أبيض وعليها قميص أحمر وإذا أمكن التصديق لم يجز التكذيب.
(مسألة) (وان شهد أنه زنى بها مطاوعة وشهد آخران أنه زنى بها مكرهة فلا حد عليها اجماعا، لأن الشهادة لم تكمل على فعل موجب للحد وفي الرجل وجهان.