الزنى حال نومه فلا حد عليه لأن القلم مرفوع عنه، ولو أقر في حال نومه لم يلتفت إلى اقراره لأن كلامه غير معتبر ولا يدل على صحة مدلوله: واما السكران ونحوه فعليه حد الزنى والسرقة والشرب والقذف إذا فعله في حال سكره لأن الصحابة رضي الله عنهم أوجبوا عليه حد الفرية لكون السكر مظنة لها ولأنه تسبب إلى هذه المحرمات بسبب لا يعذر فيه فأشبه من لا عذر له، وفيه وجه آخر لا يجب عليه الحد لأنه غير عاقل فيكون ذلك شبهة في درء ما يندري بالشبهات ولان طلاقه لا يقع في رواية فأشبه النائم، والأول أولى لأن اسقاط الحد عنه يفضي إلى أن من أراد فعل هذه المحرمات شرب الخمر وفعل ما أحب فلا يلزمه شئ ولان السكر مظنة لفعل المحارم وسبب إليه فقد تسبب إلى فعلها حال صحوه فاما ان أقر بالزنا وهو سكران لم يعتبر اقراره لأنه لا يدري ما يقول ولا يدل قوله على صحة خبره فأشبه قول النائم والمجنون وقد روى بريدة ان النبي صلى الله عليه وسلم استنكه ماعزا، رواه أبو داود وإنما فعل ذلك ليعلم هل هو سكران أو لا ولو كان السكران مقبول الاقرار لما احتيج إلى تعرف براءته منه (فصل) واما الأخرس فإن لم تفهم إشارته فلا يتصور منه اقرار وان فهمت إشارته فقال القاضي عليه الحد وهو قول الشافعي وابن القاسم صاحب مالك وأبو ثور وابن المنذر لأن من صح اقراره بغير الزنا صح اقراره به كالناطق وقال أصحاب أبي حنيفة لا يحد باقرار ولا بينة لأن الإشارة تحتمل ما فهم منها وغيره فيكون ذلك شبهة في درء الحد لكونه مما يندرئ بالشبهات ولا يجب بالبينة لاحتمال أن يكون له شبهة لم يمكنه التعبير عنها ولم يعرف كونها شبهة ويحتمل كلام الخرقي ان لا يلزمه الحد باقراره لأنه شرط أن يكون صحيحا وهذا غير صحيح ولان الحد لا يجب بالشبهة فاما الإشارة فلا تنتفي معها الشبهات وأما البينة فيجب عليه بها الحد لأن قوله معها غير معتبر
(١٩٣)