نقضها وفي دارنا منهم أحد وجب ردهم إلى مأمنهم لأنهم دخلوا بأمان فوجب ردهم إلى مأمنهم كما لو أفردهم بالأمان، وإن كان عليهم حق استوفي منهم، ولا يجوز ان يبدأهم بقتال ولا غارة قبل اعلامهم بنقض العهد للآية، ولأنهم آمنون منه بحكم العهد فلا يجوز قتلهم ولا اخذ مالهم، فإن قيل فقد قلتم ان الذمي إذا خيف منه الخيانة لم ينتقض عهده؟ قلنا عقد الذمة آكد لأنه يجب على الإمام اجابتهم إليه وهو نوع معاوضة وعقده مؤبد بخلاف الهدنة والأمان، ولهذا لو نقض بعض أهل الذمة لم ينتقض عهد الباقين بخلاف الهدنة، ولان أهل الذمة في قبضة الإمام وتحت ولايته ولا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم بخلاف أهل الهدنة فإنه يخشى منهم الغارة والضرر الكثير (فصل) ومن أتلف منهم شيئا على مسلم فعليه ضمانه وان قتله فعليه القصاص وإن قذفه فعليه الحد، لأن الهدنة تقتضي أمان المسلمين منهم وأمانهم من المسلمين في النفس والمال والعرض فلزمهم ما يجب في ذلك ومن شرب منهم خمرا أو زنى لم يحد لأنه حق لله تعالى ولم يلتزموه بالهدنة، وان سرق مال مسلم ففيه وجهان (أحدهما) لا يقطع لأنه حد خالص لله تعالى أشبه حد الزنا (والثاني) يقطع لأنه يجب صيانة لحق الآدمي فهو كحد القذف (فصل) وإذا نقضوا العهد حلت دماؤهم وأموالهم وسبي ذراريهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجال بني قريظة حين نقضوا عهدهم وسبى ذراريهم واخذ أموالهم ولما هادن قريشا فنقضوا عهده حل له منهم ما كان حرم عليه منهم، ولان الهدنة عقد مؤقت ينتهي بانقضاء مدته فيزول بنقضه وفسخة كعقد الإجارة بخلاف عقد الذمة
(٥٨٣)