وقد روى عبد الرزاق في المغازي عن الزهري قال أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن وهو مع أبي سفيان يعني يوم الأحزاب (أرأيت ان جعلت لك ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك من غطفان وتخذل بين الأحزاب؟) فأرسل إليه عيينة ان جعلت لي الشطر فعلت قال فحدثني ابن أبي نجيح ان سعد بن معاذ وسعد بن عبادة قالا يا رسول الله والله لقد كان يجر سرمه في الجاهلية في عام السنة حول المدينة ما يطيق أن يدخلها فالآن حين جاء الله بالاسلام نعطيهم ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فنعم إذا) ولولا أن ذلك جائز لما بذله النبي صلى الله عليه وسلم (مسألة) (ولا يجوز عقد الهدنة إلا من الإمام أو نائبه) لأنه عقد مع جملة الكفار وليس ذلك لغيره ولأنه يتعلق بنظر الإمام وما يراد من المصلحة على ما قدمنا، ولان تجويزه لغير الإمام يتضمن تعطيل الجهاد بالكلية أو إلى تلك الناحية وفيه افتيات على الإمام، فإن هادنهم غير الإمام أو نائبه لم يصح، فإن دخل بعضم دار الاسلام بهذا الصلح كان آمنا لأنه دخل معتقدا للأمان ويرد إلى دار الحرب ولا يقر في دار الاسلام لأن الأمان لم يصح، وإن عقد الإمام الهدنة ثم مات أو عزل لم ينتقض عهده وعلى من بعده الوفاء به لأن الإمام عقده باجتهاده فلم يجز نقضه اجتهاد غيره كما لا يجوز للحاكم نقض أحكام من قبله باجتهاده، وإذا عقد الهدنة لزمه الوفاء بها لقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقال تعالى (فأتموا إليهم عهدهم إلى
(٥٧٤)