ولأنه رفع بعض ما تناوله اللفظ فجاز كالتخصيص والبدل.
ولنا أنه لم يرد في لسان العرب الاستثناء الا في الأقل وقد أنكروا استثناء الأكثر فقال أبو إسحاق الزجاج لم يأت الاستثناء الا في القليل من الكثير ولو قال قائل مائة الا تسعة وتسعين لم يكن متكلما بالعربية وكان عيا من الكلام ولكنة، وقال القتيبي يقال صمت الشهر الا يوما ولا يقال صمت الشهر الا تسعة وعشرين يوما ويقال لقيت القوم جميعهم الا واحدا أو اثنين ولا يجوزان يقال لقيت القوم الا أكثرهم وان لم يكن صحيحا في الكلام لم يرتفع به ما أقر به كاستثناء الكل وكما لو قال له علي عشرة بل خمسة، واما ما احتجوا به من التزيل فإنه في الآية الأولى استثنى المخلصين من بني آدم وهم الافل كما قال (الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) وفي الآية الأخرى استثنى الغاوين من العباد وهم الأقل فإن الملائكة من العباد وهم غير غاوين قال الله تعالى (بل عباد مكرمون) وقيل الاستثناء في هذه الآية منقطع بمعنى الاستدراك فيكون قوله (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) يبقى على عمومه لم يستثن منه شئ فيكون قوله (الا من اتبعك من الغاوين) أي لكن من اتبعك من الغاوين فإنهم غووا باتباعك، وقد دل على صحة هذا قوله في الآية الأخرى لاتباعه (وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي) وعلى هذا لا يكون لهم فيها حجة وأما البيت فقال ابن فضال النحوي هو بيت مصنوع لم يثبت عن العرب على أن هذا ليس باستثناء فإن الاستثناء له كلمات مخصوصة