صلى الله عليه وسلم (يكفر عنه خطاياه كلها الا الدين) وذلك في كلام العرب كثير فإذا أقر بشئ واستثنى منه كان مقرا بالباقي بعد الاستثناء فإذا قال له علي مائة إلا عشرة كان مقرا بتسعين لأن الاستثناء يمنع ان يدخل في اللفظ ما لولاه لدخل فإنه لو دخل ما أمكن اخراجه ولو أقر بالعشرة المستثناة لما قبل منه انكارها وقول الله تعالى (فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما) اخبار بتسعمائة وخمسين فالاستثناء بين ان الخمسين المستثناة غير مرادة كما أن التخصيص يبين ان المخصوص غير مراد باللفظ العام إذا ثبت ذلك فلا نعلم خلافا في جواز استثناء ما دون النصف وقد دل عليه ما ذكرنا من الكتاب والسنة (فصل) فأما استثناء ما زاد على النصف فلا يختلف المذهب انه لا يصح وهو كاستثناء الكل يؤخذ بالجميع ويحكى ذلك عن ابن درستويه النحوي وقال أبو حنيفة ومالك وأصحابهم يصح استثناء ما دون الكل فلو قال له علي مائة إلا تسعة وتسعين لم يلزمه إلا واحد بدليل قول الله تعالى (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وقوله (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) وأيهما كان الأكثر فقد دل على استثناء الأكثر وأنشدوا أدوا التي نقصت تسعين من مائة ثم ابعثوا حكما بالحق قواما فاستثنى تسعين من مائة ولأنه في معنى الاستثناء ومشبه به ولأنه استثنى البعض فجاز كاستثناء الأقل
(٣٠٢)