(مسألة) (فإن ترك أحدهما شفعته لم يكن للآخر الا أن يأخذ الكل أو يترك) وجملة ذلك أنه إذا كان الشقص بين شفعاء فترك بعضهم فليس للباقين إلا أخذ الجميع أو ترك الجميع قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي لأن في أخذ البعض اضرارا بالمشتري بتبعيض الصفقة عليه ولا يزال الضرر بالضرر، ولان الشفعة إنما تثبت على خلاف الأصل دفعا لضرر الشريك الداخل خوفا من سوء المشاركة ومؤنة القسمة فإذا أخذ بعض الشقص لم يندفع عنه الضرر فلم يتحقق المعنى المجوز لمخالفة الأصل فلا تثبت، وإن وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض الشركاء أو لغيره لم يصح لأن ذلك عفو وليس بهبة فلم يصح لغير من هو عليه كالعفو عن القصاص (فصل) فإن كان الشفعاء غائبين لم تسقط الشفعة لموضع العذر فإذا قدم أحدهم فليس له الا أن يأخذ الكل أو يترك لأنا لا نعلم اليوم مطالبا سواه ولان في أخذ البعض تبعيضا لصفقة المشتري فلم يجز ذلك كما لو لم يكن معه غيره، ولا يجوز تأخير حقه إلى أن يقدم شركاؤه لأن في التأخير ضررا بالمشتري فإذا أخذ الجميع ثم حضر آخر قاسمه ان شاء أو عفا فيبقى للأول لأن المطالبة إنما وجدت منهما فإن قاسمه ثم حضر الثالث قاسمهما ان أحب أو عفا فيبقى للأولين، فإن نما الشقص في يد الأول نماء منفصلا لم يشاركه فيه واحد منهما لأنه انفصل في ملكه أشبه ما لو انفصل في يد المشتري قبل الاخذ بالشفعة
(٤٩٢)