ولنا أنه إذا أذن في الضمان تضمن ذلك اذنه في الأداء لأن الضمان يوجب عليه الأداء فرجع عليه كما لو أذن في الأداء صريحا (الثالث) ضمن بغير امره وقضى بأمره فله الرجوع أيضا وظاهر مذهب الشافعي أنه لا يرجع لأن أمره بالقضاء انصرف إلى ما وجب بضمانه ولنا أنه أدى دينه بأمره فرجع عليه كما لو لم يكن ضامنا أو كما لو ضمن بأمره، قولهم ان إذنه في القضاء انصرف إلى ما وجب بضمانه قلنا والواجب بضمانه إنما هو أداء دينه وليس هو شيئا آخر فمتى أداه عنه باذنه لزمه إعطاؤه بدله (الرابع) ضمن بغير أمره وقضى بغير أمره ففيه روايتان (إحداهما) يرجع وهو قول مالك وعبيد الله بن الحسن وإسحاق (والثانية) لا يرجع بشئ وهو قول أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر بدليل حديث علي وأبي قتادة فإنهما لو كان يستحقان الرجوع على الميت صار الدين لهما فكانت ذمة الميت مشغولة بدينهما كاشتغالها بدين المضمون له ولم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه تبرع بذلك أشبه ما لو علف دوابه وأطعم عبيده بغير أمره. ووجه الأولى أنه قضاء مبرئ من دين واجب فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم إذا قضى عنه عند امتناعه، فاما علي وأبو قتادة فإنهما تبرعا بالقضاء والضمان فإنهما قضيا دينه قصدا لتبرئة ذمته ليصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع علمهما انه لم يترك وفاءه والمتبرع لا يرجع بشئ وإنما الخلاف في المحتسب بالرجوع (فصل) ويرجع الضامن على المضمون عنه بأقل الامرين مما قضى أو قدر الدين لأنه إن كان الأقل الدين فالزائد لم يكن واجبا فهو متبرع به وإن كان المقضي أقل فإنما يرجع بما غرم ولهذا لو أبرأه غريمه لم يرجع بشئ فإن دفع عن الدين عرضا رجع بأقل الامرين من قمته أو قدر الدين لما ذكرنا (فصل) ولو كان على رجلين مائة على كل واحد منهما نصفها وكل واحد ضامن عن صاحب ما عليه فضمن آخر عن أحدهما المائة بأمره وقضاها سقط الحق عن الجميع وله الرجوع على الذي ضمن عنه ولم ين له أن يرجع على الآخر بشئ في إحدى الروايتين لأنه لم يفضي عنه ولا اذن له في القضاء
(٨٩)