ولنا أنه لا يحل بيعه فلم يضمنه كالميتة والدليل على أنه لا يحل بيعه قول النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام (بعثت بمحق القينات والمعازف) (مسألة) (وان كسر آنية ذهب أو فضة لم يضمنها) وحكى أبو الخطاب رواية أخرى عن أحمد انه يضمن فإن منها نقل عنه فيمن هشم على غيره إبريق فضه عليه قيمته يصوغه كما كان، فقيل له أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذها فسكت، والصحيح أنه لا يضمن نص عليه في رواية المروذي فيمن كسر إبريق فضة لا ضمان عليه لأنه أتلف ما ليس بمباح فلم يضمنه كالميتة، ورواية منها تدل على أنه رجع عن قوله ذلك لكونه سكت حين ذكرا لسائل النهي عن وليس في رواية منها أنه قال يصوغه ولا تحل صناعته فكيف تجب؟
(مسألة) (وان كسر اناء خمر لم يضمنه في أصح الروايتين) لما روي عن ابن عمر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آنية بمدية وهي الشفرة فأتيته بها فأرسل بها فأرهفت ثم أعطانيها وقال (اغد علي بها) ففعلت فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام فاخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته كلها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوني وأمرني ان آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته رواه أحمد، وروي عن انس قال كنت أسقي أبا طلحة وأبي بن كعب وأبا عبيدة شرابا من فضيخ فأتانا آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة قم يا أنس إلى هذه الدنان فاكسرها وهذا يدل على سقوط حرمتها وإباحة اتلافها فلا يضمنها كسائر المباحات (والثانية) يضمنها إذا كان ينتفع بها في غيره لأنها مال يمكن الانتفاع به ويحل بيعه فيضمنها كما لو لم يكن فيها خمر ولأن جعل الخمر فيها لا يقتضي سقوط ضمانها كالبيت الذي جعل مخزنا للخمر (فصل) إذا غصب أرضا فحكمها في جواز دخول غيره إليها حكمها قبل الغصب فإن كانت محوطة كالدار والبستان المحوط عليه لم يجز دخولها لغير مالكها الا باذنه لأن ملك مالكها لم يزل عنها فلم يجز دخولها بغير اذنه كما لو كانت في يده. قال احمد: في الضيعة تصير غيضة فيها سمك لا يصيد فيها أحد إلا باذنهم، وان كانت صحراء جاز الدخول فيها ورعي حشيشها. قال احمد:
لا بأس برعي الكلأ في الأرض المغصوبة وذلك لأن الكلأ لا يملك بملك الأرض ويتخرج في كل واحدة من الصورتين مثل حكم الأخرى قياسا لها عليها ونقل عنه المروذي في دار طوابيقها غصب لا يدخل على والديه لأن دخوله عليهما تصرف في الطوابيق المغصوبة ونقل عنه الفضل بن عبد الصمد