إليه لم يملك الغاصب رده لأنه أسقط عنه حقا فسقط وان لم يقبله كما لو أبرأه من دينه وان قال رده لي إلى بعض الطريق لزمه لأنه يلزمه جميع المسافة فلزمه بعضها المطلوب وسقط عنه ما أسقطه كما لو أسقط عنه بعض دينه وان طلب منه حمله إلى مكان آخر في غير طريق الرد لم يلزم الغاصب ذلك سواء كان أقرب إلى المكان الذي يلزم رده إليه أولا لأنه معاوضة، وان قال دعه في مكانه وأعطني أجر رده لم يلزمه ذلك ومهما اتفقا عليه من ذلك جاز لأن الحق لهما لا يخرج عنهما (مسألة) (وان خلطه بما يتميز منه لزمه تخليصه ورده) مثل أن يخلط حنطة بشعير أو سمسم أو صغار الحب بكباره أو زبيبا أسود بأحمر لما ذكرنا وأجر المميز عليه كاجر رده إذا بعده وان أمكن تمييز بعضه وجب تمييز ما أمكن منه وان لم يمكن تميز شئ منه فسنذكره إن شاء الله تعالى (مسألة) (وان بنى عليه لزمه رده الا أن يكون قد بلي) إذا غصب شيئا فشغله بملكه كحجر نبي عليه أو خيط خاط به ثوبه أو نحوه فإن بلي الخيط أو انكسر الحجر أو كان مكانه خشبة فتلفت لم يجب رده ووجبت قيمته لأنه صار هالكا فوجبت قيمته كما لو تلف، وإن كان باقيا بحاله لزمه رده وان انتقض البناء وتفصل الثوب وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة لا يجب أداء الخشبة والحجر لأنه صار تابعا لملكه يستضر بقلعه فلم يجب رده كما لو غصب خيطا فخاط به جرح عبده ولنا أنه مغصوب أمكن رده ويجوز له فيجوز كما لو بعد العين ولا يشبه الخيط الذي يخاف على العبد من قلعه لأنه لا يجوز له رده لما في ضمنه من تلف الآدمي ولان حاجته إلى ذلك تبيح أخذه ابتداء بخلاف البناء
(٣٨٠)