قتله لدفع شره فأشبه وذلك أنه إذا قتله لدفع شره كان الصائل هو القاتل لنفسه فأشبه ما لو نصب حربة في طريقه فقذف نفسه عليها فمات بها وفارق المضطر فإن الطعام لم يلجئه إلى اتلافه ولم يصدر منه ما يزيل عصمته ولهذا لو قتله لصياله لم يضمنه ولو قتله ليأكله في المخمصة وجب عليه الضمان وغير المكلف كالمكلف في هذا وقولهم لا يملك إباحة نفسه قلنا: والمكلف لا يملك إباحة نفسه ولو قال أبحت دمي لم يبح مع أنه إذا صال فقد أبيح دمه بفعله فلم يضمنه كالمكلف (مسألة) (وان اصطدمت سفينتان فغرقتا ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر وما فيها) إذا اصطدمت سفينتان متساويتان كاللتين في بحر أو ماء واقف فإن كان القيمان مفرطين ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر بما فيها من نفس ومال كالفارسين إذا تصادما وان لم يكونا مفرطين فلا ضمان عليهما، وقال الشافعي: يضمن في أحد الوجهين لأنهما في أيديهما فضمنا كما لو اصطدما فارسان لغلبة الفرسين لهما ولنا أن الملاحين لا يسيران السفينتين بفعلهما ولا يمكنهما ضبطهما في الغالب ولا الاحتراز من ذلك فأشبه الصاعقة إذا نزلت فأحرقت سفينة ويخالف الفرسين فإنه يمكن ضبطهما والاحتراز من طردهما وإن كان أحدهما مفرطا وحده ضمن وحده، وان اختلفا في تفريط القيم ولا بينه فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل عدمه وهو أمين أشبه المودع وعند الشافعي أنهما إذا كانا مفرطين فعلى كل واحد من القيمين ضمان نصف سفينته ونصف سفينة صاحبه وقال مثل ذلك في الفارسين وسنذكره إن شاء الله تعالى والتفريط أن يكون قادرا على ضبطها أوردها عن الأخرى فلم يفعل أو أمكنه أن يعد لها إلى ناحية أخرى فلم يفعل أو لم يكمل آلتها من الرجال والحبال وغيرهما (مسألة) (وان كانت إحداهما منحدرة فعلى صاحبها ضمان المصعدة إلا أن يكون عليه ريح فلم يقدر على ضبطها) متى كان قيم المنحدرة مفرطا فعليه ضمان المصعدة لأنها تنحط عليها من علو فيكون ذلك سببا لغرقها فتزل المنحدرة بمنزلة السائر والمصعدة منزلة الواقف إذا اصطدما، وإن غرقتا جميعا فلا شئ على المصعد وعلى المنحدر قيمة المصعدة أو أرش ما تقصت ان لم تتلف كلها الا أن يكون التفريط من المصعد بان يمكنه العدول بسفينته والمنحدر غير قادر ولا مفرط فيكون الضمان على المصعد، وان لم يكن من واحد منهما تفريط لكن هاجت ريح أو كان الماء شديد الجرية فلم يمكنه ضبطها فلا ضمان عليه لأنه لا يدخل في وسعه (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فإن كانت إحدى السفينتين واقفة
(٤٥٦)