(مسألة) (تجوز المساقاة في ثمر النخل وفي كل شجر له ثمر مأكول ببعض ثمرته) هذا قول الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب وسالم ومالك والثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال داود لا تجوز إلا في تمر النخل لأن الخبر إنما ورد بها فيه، وقال الشافعي لا تجوز إلا في النخل والكرم لأن الزكاة تجب في ثمرتهما، وفي سائر الشجر قولان (أحدهما) لا تجوز فيه لأن الزكاة لا تجب في نمائها فأشبه مالا ثمرة له، وقال أبو حنيفة، وزفر لا تجوز بحال لأنها إجارة بثمرة لم تخلق أو إجارة بثمرة مجهولة أشبه إجارته بثمرة غير الشجر الذي يسقيه ولنا ما ذكرنا من الحديث والاجماع ولا يجوز التعويل على ما خالفهما فإن قيل راوي حديث خيبر ابن عمر وقد رجع عنه فقال. كنا نخابر أربعين سنة حتى حدثنا رافع بن خديج ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن المخابرة ولا ينعقد الاجماع مع مخالفته، ويدل على نسخ حديث ابن عمر أيضا رجوعه عن العمل به إلى حديث رافع، قلنا لا يجوز حمل حديث رافع على ما يخالف الاجماع ولا حديث ابن عمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يعامل أهل خيبر حتى مات ثم عمل به الخلفاء بعده ثم من بعدهم فكيف يتصور نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ ثم يخالفه؟ أم كيف يعمل ذلك في عصر الخلفاء ولم يخبرهم من سمع النهي وهو حاضر معهم وعالم بفعلهم؟ فلو صح خبر رافع لوجب حمله على ما يوافق السنة والاجماع، على أنه قد روى في تفسير خبر
(٥٥٥)