في العادة لكثرتها أو في ريح شديدة تحملها أو فتح ماء كثيرا يتعدى أو فتح الماء في أرض غيره أو أوقد في دار غيره ضمن ما تلف به وان سرى إلى غير الدار التي أوقد فيها والأرض التي فتح الماء فيها لأنها سراية عدوان أشبهت سراية الجرح الذي تعدى به ولذلك إن يبست النار أغصان شجرة غيره يضمن لأن ذلك لا يكون الا من نار كثيرة الا أن تكون الأغصان في هوائه فلا يضمن لأن دخولها إليه غير مستحق فلا يمنع من التصرف في داره لحرمتها ومذهب الشافعي كما ذكرنا في هذا الفصل.
(فصل) وان ألقت الريح إلى داره ثوب غيره لزمه حفظه لأنه أمانة حصلت تحت يده أشبهت اللقطة فإن لم يعرف صاحبه فهو لقطة يثبت فيها أحكامها وان عرف صاحبه لزمه إعلامه فإن لم يفعل ضمنه لأنه أمسك مال غيره بغير إذنه من غيرت عريف فهو كالغاصب، وان سقط طائر في داره لم يلزمه حفظه ولا إعلام صاحبه لأنه محفوظ بنفسه إلا أن يكون غير ممتنع فهو كالثوب وان دخل برجه فأغلق عليه الباب ناويا إمساكه لنفسه ضمنه لأنه أمسك مال غيره لنفسه فهو كالغاصب وإلا فلا ضمان عليه لأنه يتصرف في برجه كيف شاء فلا يضمن مال غيره بتلفه ضمنا لتصرفه الذي لم يتعد فيه (مسألة) (وان حفر في فنائه بئرا لنفسه ضمن ما تلف به، والفناء ما كان خارج الدار قريبا منها) إذا حفر في الطريق بئرا لنفسه ضمن ما تلف بها سواء حفرها باذن الإمام أو بغير إذنه وسواء كان فيها ضرر أولا وقال أصحاب الشافعي ان حفرها باذن الإمام لم يضمن لأن للإمام أن يأذن في الانتفاع بما لا ضرر فيه بدليل أنه يجوز ان يأذن في العقود فيه ويقطعه لمن يبيع فيه ولنا أنه تلف بحفر حفره في مكان مشترك بغير إذن أهله لغير مصلحتهم فضمن كما لو لم يأذن فيه الإمام ولا نسلم أن للإمام الاذن في هذا وإنما جاز الاذن في العقود لأنه لا يدوم ويمكن إزالته في الحال أشبه العقود في المسجد ولأن العقود حائز من غير اذن الإمام بخلاف الحفر