والأخرى سائرة فلا شئ على الواقفة وعلى السائرة ضمان الواقفة إن كان القيم مفرطا، فلا ضمان عليه إذا لم يفرط على ما ذكرنا.
(فصل) فإن خيف على السفينة الغرق فالقى بعض الركبان متاعه لتخف وتسلم من الغرق لم يضمنه أحد لأنه أتلف متاع نفسه باختياره لصلاحه وصلاح غيره، وان القى متاع غيره بغير إذنه ضمنه وحده وان قال لغيره الق متاعك فقبل منه لم يضمنه لأنه لم يلتزم ضمانه، وان قال القه وأنا ضامن له أو علي قيمته لزم ضمانه لأنه أتلف ماله بعوض لمصلحة فوجب له العوض على من التزمه كما لو قال أعتق عبدك وعلي ثمنه. وان قال القه وعلي وعلى ركاب السفينة ضمانه فألقاه ففيه وجهان (أحدهما) يلزمه ضمانه وحده ذكره أبو بكر وهو نص الشافعي لأنه التزم ضمان جميعه فلزمه ما التزمه، وقال القاضي إن كان ضمان اشتراك مثل أن يقول نحن نضمن لك أو قال على كل واحد منا ضمان قسطه أو ربع متاعك لم يلزمه الا ما يخصه من الضمان وهذا قول بعض أصحاب الشافعي لأنه لم يضمن إلا حصته وإنما أخبر عن الباقين بالضمان فسكتوا وسكوتهم ليس بضمان، وان التزم ضمان الجميع وأخبر عن كل واحد منهم بمثل ذلك لزمه ضمان الكل لأنه ضمن الكل، وان قال القه على أن أضمنه لكل أنا وركبان السفينة فقد أذنوا لي في ذلك فأنكروا الاذن فهو ضامن للجميع وان قال القي متاعي وتضمنه؟ فقال نعم ضمنه له وان قال الق متاعك وعلي ضمان نصفه وعلى أخي ضمان ما بقي فألقاه فعليه ضمان النصف وحده ولا شئ على الآخر لأنه لم يضمن والله أعلم.
(فصل) إذا خرق سفينة فغرقت بما فيها وكان عمدا وهو مما يغرقها غالبا ويهلك من فيها لكونهم في اللجة أو لعدم معرفتهم بالسياحة فعليه القصاص ان قتل من يجب القصاص بقتله وعليه ضمان السفينة بما فيها من مال ونفس وإن كان خطأ فعليه ضمان العبيد ودية الأحرار على عاقلته وإن كان عمد خطأ مثل ان اخذ السفينة ليصلح موضعا فقلع لوحا أو يصلح مسمارا فنقب موضعا فهو عمدا لخطأ ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي، والصحيح ان هذا خطأ محض لأنه قصد فعلا مباحا فأفضى إلى التلف لما لم يرده فأشبه ما لو رمى صيدا فأصاب آدميا فقتله ولكن ان قصد قلع اللوح في موضع الغالب أنه لا يتلفها فاتلفها فهو عمد الخطأ فيه ما فيه (مسألة) (وان كسر مزمارا أو طنبورا أو صليبا لم يضمنه) وقال الشافعي إن كان ذلك إذا فصل يصلح لنفع مباح وإذا كسر لم يصلح لزمه ما بين قيمته مفصلا ومكسورا لأنه أتلف بالكسر ماله قيمه، وإن كان لا يصلح لمنفعة مباحة لم يضمن، وقال أبو حنيفة يضمن.