معتقل رمحا، فلما رهقه همز فرسه ليعلو عليه، فألقى عمرو نفسه عن فرسه إلى الأرض شاغرا برجليه، كاشفا عورته، فانصرف عنه لافتا وجهه مستدبرا له، فعد الناس ذلك من مكارمه وسؤدده، وضرب بها المثل.
* * * قال نصر: وحدثني محمد بن إسحاق، قال: اجتمع (1) عند معاوية في بعض ليالي صفين عمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عقبة، ومروان بن الحكم، وعبد الله ابن عامر، وابن طلحة الطلحات الخزاعي، فقال عتبة: إن أمرنا وأمر علي بن أبي طالب لعجب! ما فينا إلا موتور مجتاح (2).
أما أنا فقتل جدي عتبة بن ربيعة، وأخي حنظلة وشرك في دم عمى شيبة يوم بدر.
وأما أنت يا وليد، فقتل أباك صبرا. وأما أنت يا بن عامر، فصرع أباك وسلب عمك.
وأما أنت يا بن طلحة، فقتل أباك يوم الجمل، وأيتم إخوتك. وأما أنت يا مروان فكما قال الشاعر:
وأفلتهن علباء جريضا * ولو أدركنه صفر الوطاب (3).
فقال: معاوية هذا الاقرار فأين الغير (4)؟ قال مروان: وأي غير تريد؟ قال: أريد أن تشجروه بالرماح. قال: والله يا معاوية، ما أراك إلا هاذيا أو هازئا، وما أرانا إلا ثقلنا عليك، فقال ابن عقبة:
يقول لنا معاوية بن حرب * أما فيكم لواتركم طلوب يشد على أبى حسن على * بأسمر لا تهجنه الكعوب