استحسانا) وفي القياس لا يصح رجوعه في الهبة، لأنه رضي بسقوط حقه ليسلم له العبد فكان بمنزلة العوض وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة والمعلى عن أبي يوسف وهشام عن محمد، وعلى قول أبي يوسف: إذا رجع في الهبة يعود الدين والجناية، وأبو يوسف استفحش قول محمد وقال: أرأيت لو كان على العبد دين لصغير فوهبه مولاه منه فقبل الوصي وقبض فسقط الدين، فإن رجع بعد ذلك لو قلنا لا يعود الدين كان قبول الوصي الهبة تصرفا مضرا على الصغير ولا يملك ذلك، ووجه الاستحسان أنه لم ينص على العوض فكان إسقاطا محضا، وكانت الهبة خالية عن العوض لان شرط العوض أن يقول: هو عوض عن هبتك كما مر، ولم يوجد.
قال بعض الأفاضل: والذي يظهر ما قاله أبو يوسف، لان الشئ ينتهي بانتهاء علته وعلة سقوط الدين الملك ولم يبق الملك فيعود الدين، كمن له على آخر دين مؤجل فقضاه قبل الاجل فاستحق ذلك عاد الدين مؤجلا، لأنه لما بطل القضاء بالاستحقاق بطل، وهو سقوط الاجل، فتأمل. ا ه.
فروع: صبي له على مملوك وصيه دين فوهب الوصي عبده للصبي، ثم أراد الوصي الرجوع في ظاهر الرواية له ذلك، وعن محمد المنع. بزازية. قوله: (ورواية عن الامام) لان الساقط لا يعود كماء قليل نجس دخل عليه الماء الجاري، حتى كثر وسال ثم عاد إلى القلة لا يعود نجسا. وقال أبو يوسف: يعود الدين حكما كما كان، لان زوال الدين كان حكما لملكه الموهوب له وقد بطل الملك كما في المنح. قوله: (كما لا يعود النكاح) وذكر الصدر الشهيد أنه يعود. قال في الخانية: وأما مسألة النكاح ففيها روايتان عن أبي يوسف. في رواية: إذا رجع الواهب يعود النكاح. ا ه.
وفي الهندية بعد ما ذكره عن الصدر الشهيد: وذكر محمد في الكتاب في مواضع أنه بالرجوع في الهبة يعود إلى الواهب قديم ملكه، والمراد منه العود إلى قديم ملكه فيما يستقبل لا فيما مضى، ألا ترى أن من وهب مال الزكاة من رجل قبل الحول وسلمه إليه ثم رجع في الهبة بعد الحول لا يجب على الواهب زكاة ما مضى ا ه. فلم يجعل قديم ملكه عائدا إليه في حق زكاة ما مضى، وكذلك من وهب من آخر دارا وسلمها إلى الموهوب له ثم بيعت دار بجنبها، ثم رجع الواهب فيها لم يكن للواهب أن يأخذها بالشفعة ولو عاد إليه قديم ملكه فيما مضى وجعل كأن الدار لم تزل عن ملكه لكان له الاخذ بالشفعة ا ه. وعزاه للذخيرة. قوله: (والزاي) فيها لغات، فمدها بعض العرب، ومنهم من يقول زاي، ومنهم من يقول زا فيقصرها، ومنهم من ينون فيقول زا، وهذا أقبح الوجوه لأنه لم يأت اسم على حرف، ومنهم من يقول زي فيشدد الياء: أبو السعود عن ابن عبدون قوله: (فلو وهب لامرأة الخ) الأصل الزوجية نظير القرابة حتى يجري التوارث بينهما بلا حاجب وترد شهادة كل واحد للآخر فيكون المقصود من هبة كل منهما للآخر الصلة والتوادد دون العوض، بخلاف الهبة للأجنبي فإن المقصود منها العوض، ثم المعتبر في ذلك حالة الهبة، فإن كانت أجنبية كان مقصوده العوض فثبت له الرجوع فيها فلا يسقط بالتزويج، وإن كانت حليلته كان مقصوده الصلة دون العوض وقد حصل فسقط الرجوع فلا يعود بالإبانة ا ه. زيلعي ملخصا. قوله: (لا) أي لا يرجع، ولو فارقها بعد ذلك لا يملك الرجوع لقيام الزوجية وقت الهبة. قوله: (كعكسه) أي لو وهبته لرجل ثم نكحها