أقول: ثم رأيت في الشرنبلالية ما يكون تأييدا لكلام الهداية، حيث قال: وعند محمد: يقضي بالبينتين: يعني إن ذكروا القبض الخ. تأمل.
وفي البحر أيضا عن الكافي: دار في يد زيد برهن عمرو على أنه باعها من بكر بألف وبرهن بكر على أنه باعها من عمرو بمائة دينار وجحد زيد ذلك كله قضى بالدار بين المدعيين ولا يقضي بشئ من الثمنين لأنه تعذر القضاء بالبيع لجهالة التاريخ ولم يتعذر القضاء بالملك. وعند محمد: يقضي بها بينهما. ولكل واحد نصف الثمن على صاحبه، لأنه لم يسلم لكل واحد إلا نصف المبيع.
ولو ادعت امرأة شراء الدار من عمرو بألف وعمرو ادعى أنه اشتراها منها بألف وزيد وهو ذو اليد يدعي أنها له اشتراها من عمرو بألف وأقاموا البينة: قضى لذي اليد لتعارض بينتي غيره فبقيت بينته بلا معارض. وعند محمد: يقضي بالدار لذي اليد بألف عليه للخارج ويقضي لها على الخارج بألف، لان ذا اليد والمرأة ادعيا التلقي من الخارج فيجعل كأنها في يده ا ه.
مطلب: برهن كل على إقرار الآخر أنها له تهاترا وأشار المؤلف إلى أنه لو برهن كل على إقرار الآخر أن هذا الشئ له فإنهما يتهاتران ويبقى في يد ذي اليد. كذا في الخزانة. قوله: (ولا ترجح) يحتمل أن يقرأ الفعل بالتذكير أو التأنيث، فعلى الأولى يعود الضمير المستتر على الحكم، وعلى الثاني يعود على الدعوى. إلى هذا أشار العيني. قوله:
(فإن الترجيح عندنا) أي وعند الشافعي في القديم وبعض المالكية يرجحون بكثرة العدد. قوله: (بقوة الدليل) بأن يكون أحدهما متواترا والآخر من الآحاد أو كان أحدهما مفسرا والآخر مجملا، فيرجح المفسر على المجمل والتواتر على الآحاد لقوة فيه، وكذا لا يرجح أحد القياسين ولا الحديث بحديث آخر، وشهادة كل شاهدين علة تامة فلا تصليح للترجيح كما في البحر. وسيأتي قريبا تمامه. قوله:
(لا بكثرته) ولذا لا ترجح الآية بآية أخرى ولا الخبر بالخبر ولا أحد القياسين بقياس آخر. قال في غاية البيان: لان الترجيح يكون بقوة العلة لا بكثرة في العلل، ولذلك قلنا: إن الخبرين إذا تعارضا لا يترجح أحدهما على الآخر بخبر آخر بل بما به يتأكد معنى الحجة فيه، وهو الاتصال برسول الله (ص) حتى يترجح المشهور بكثرة رواته على الشاذ لظهور زيادة القوة فيه من حيث الاتصال برسول الله (ص)، ويترجح بفقه الراوي وحسن ضبطه وإتقانه لأنه يتقوى به معنى الاتصال برسول الله (ص) على الوجه الذي وصل إلينا بالنقل، وكذلك الآيتان إذا وقعت المعارضة بينهما لا تترجح إحداهما بآية أخرى، بل بقوة في معنى الحجة وهو أنه نص مفسر والآخر مؤول، وكذلك لا يترجح أحد الخبرين بالقياس، فعرفنا أن ما يقع به الترجيح هو ما لا يصلح علة للحكم ابتداء بل ما يكون (1) مقويا لما به صارت العلة موجبة للحكم ا ه.
قال المولى عبد الحليم: قوله فلان الترجيح لا يقع بكثرة العلل بل الترجيح يقع بقوة العلة ولذلك ترجح شهادة العدل على شهادة المستور، كما يرجح كون أحد الخبرين أو الآيتين مفسرا أو محكما على الآخر ا ه. قوله: (فهما سواء في ذلك) أي في الإقامة المأخوذة من أقام: أي في حكمها.