مختصر المحيط موافق للمجتبى بأحد وجهيه. وفي غاية البيان: قال أصحابنا: إن العوض الذي يسقط به الرجوع ما شرط في العقد، فأما إذا عوضه بعد العقد لم يسقط الرجوع، لأنه غير مستحق على الموهوب له وإنما تبرع به ليسقط عن نفسه الرجوع فيكون هبة مبتدأة، وليس كذلك إذا شرط في العقد، لأنه يوجب أن يصير حكم العقد حكم البيع، ويتعلق به الشفعة ويرد بالعيب فدل أنه قد صار عوضا عنها، وقالوا أيضا: يجب أن يعتبر في العوض الشرائط المعتبرة في الهبة وعدم الشيوع لأنه هبة. كذا في شرح الأقطع.
وقال في التحفة: فأما العوض المتأخر عن العقد فهو لاسقاط الرجوع، ولا يصير في معنى المعارضة لا ابتداء ولا انتهاء، وإنما يكون الثاني عوضا عن الأول بالإضافة إليه نصا كهذا عوض عن هبتك، فإن هذا عوض إذا وجد القبض ويكون هبة يصح ويبطل بما تصح وتبطل به الهبة، وأما إذا لم يضف إلى الأولى يكون هبة مبتدأة ويسقط حق الرجوع في الهبتين جميعا انتهى مع بعض اختصار.
ومفاده أنهما قولان أو روايتان: الأول: لزوم اشتراطه في العقد. والثاني: لا بل لزوم الإضافة إلى الأولى، وهذا الخلاف في سقوط الرجوع. وأما كونه بيعا انتهاء فلا نزاع في لزوم اشتراطه في العقد.
تأمل. وسنذكر آخر الفصل في الفروع بيان العوض مفصلا عن الهندية إن شاء الله تعالى، فراجعه.
قوله: (وفروع المذهب مطلقة كما مر) من دقيق الحنطة وولد إحدى جاريتين.
قال في المنح: منها كما قدمناه من أن دقيق الحنطة يصلح عوضا منها، ومنها ما تقدم من أنه لو عوضه ولد إحدى جاريتين موهوبتين وجد بعد الهبة فإنه يمتنع الرجوع، اه. قوله: (فتدبر) قال العلامة أبو السعود: قلت: الظاهر أن الاشتراط بالنظر لما سبق من توزيع البدل على المبدل، لا مطلقا، وحينئذ فما في المجتبى لا يخالف إطلاقه فروع المذهب، فتأمل انتهى.
لكن قال العلامة السائحاني: أقول: بل فروع المذهب صريحة في ضده كما قدمته عن الخانية وكما قدمه الشارح في قوله: ومراده العوض الغير المشروط فلا تلتفت لما في المجتبى، ثم ظهر أن المراد بعدم كونه عوضا أنه لا يجعل الهبة بيعا انتهاء. ثم رأيت شيخنا أجاب بنظير هذا انتهى. فتأمل.
قوله: (خروج الهبة) لأنه حصل بتسليط الواهب، فلا ينقضه أطلق في الخروج فشمل ما إذا وهب لانسان دراهم ثم استقرضها منه فإنه لا يرجع فيها لاستهلاكها. خانية. وشمل أيضا ما لو وهب لمكاتب إنسان، ثم عجز المكاتب لم يرجع المالك في الهبة عند محمد لانتقالها من ملك المكاتب إلى ملك مولاه خلافا لأبي يوسف كما في المنح. قوله: (سواء كان) أي رجوع الثاني. قوله: (فسخ) فإذا عاد إلى الواهب الثاني ملكه عاد بما كان متعلقا به. قوله: (لم يرجع الأول) لان حق الرجوع لم يكن ثابتا في هذا الملك. درر عن المحيط. قوله: (ولو باع نصفه الخ) مرتبط بالمصنف، ويظهر في صورة تكرر