كتاب الاقرار ثبت بالكتاب وهو قوله تعالى: * (وليملل الذي عليه الحق) * (البقرة: 282) أمره بالاملال، فلو لم يقبل إقراره لما كان للاملال معنى، وقوله: * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) * (النساء: 531) والمراد به إقرار. زيلعي. والسنة، فقد قبل (ص) إقرار ماعز والغامدية والاجماع. فقد أجمعت الأمة على أن الاقرار حجة في حق نفسه حتى أوجبوا الحد والقصاص بإقراره وإن لم يكن حجة في حق غيره لعدم ولايته عليه فأولى المال والمعقول، فإن العاقل لا يقر على نفسه كاذبا فيما فيه ضرر على نفسه أو ماله فترجحت جهة الصدق في حق نفسه لعدم التهمة وكمال الولاية ا ه. بخلاف إقراره في حق غيره. حتى لو أقر مجهول النسب بالرق جاز ذلك على نفسه وماله ولا يصدق على أولاده وأمهاتهم ومدبريه ومكاتبيه، بخلاف ما إذا ثبت بالبينة لان البينة إنما تصير حجة بالقضاء والقضاء ولاية عامة فينفذ في حق الكل. أما الاقرار فحجة بنفسه ولا يحتاج فيه إلى القضاء فينفذ عليه وحده الخ، وقوله ولا يصدق على أولاده الخ لأنه ثبت لهم حق الحرية أو استحقاقها فلا يصدق عليهم كما في الدرر.
قوله: (مناسبته) أي للدعوى.
ووجه تأخيره عنها أن الدعوى تنقطع به فلا يحتاج بعده إلى شئ آخر، حتى إذا لم يوجد يحتاج إلى الشهادة، وركنه لفظ أو ما في حكمه دال عليه كقوله لفلان علي كذا أو ما يشبهه، لأنه يقوم به ظهور الحق وانكشافه حتى لا يصح شرط الخيار فيه بأن أقر بدين أو بعين على أنه بالخيار إلى ثلاثة أيام فالخيار باطل، وإن صدقه المقر له والمال لازم كما في محيط السرخسي: وله شروط ستذكر في أثناء الكلام، وهي: العقل والبلوغ بلا خلاف والحرية في بعض الأحكام دون البعض، حتى لو أقر العبد المحجور بالمال لا ينفذ في حق المولى، ولو أقر بالقصاص يصح. كذا في المحيط ويتأخر إقراره بالمال إلى ما بعد العتق، وكذا المأذون له يتأخر إقراره بما ليس من باب التجارة كإقراره بالمهر بوطئ امرأة تزوجها بغير إذن مولاه، وكذا إذا أقر بجناية موجبة للمال لا يلزمه، بخلاف ما إذا أقر بالحدود والقصاص كما في التبيين، وكون المقربة مما يجب تسليمه إلى المقر له، حتى لو أقر أنه غصب كفا من تراب أو حبة حنطة لا يصح، لان المقر به لا يلزمه تسليمه إلى المقر له، ومنها الطواعية والاختيار، حتى لا يصح إقرار المكره في النهاية، وإقرار السكران بطريق محظور صحيح إلا في حد الزنا وشرب الخمر مما يقبل الرجوع وإن كان بطريق مباح لا كما في البحر، وحكمه ظهور المقر به: أي لزومه على المقر بلا تصديق وقبول من المقر له فإنه يلزم على المقر ما أقر به لوقوعه دالا على المخبر به لا ثبوته ابتداء كما في الكافي، لأنه ليس بناقل لملك المقر إلى المقر له فلذا فرع عليه ما سيأتي من صحة الاقرار بالخمر للمسلم حتى يؤمر بالتسليم إليه، ولو كان تمليكا مبتدأ لما صح، وكذلك لا يصح الاقرار بالطلاق والعتاق مع الاكراه والانشاء يصح مع الاكراه كما في المحيط.
وحاصله: أن قول المقر إن هذا الشئ لفلان معناه أن الملك فيه ثابت لفلان وليس معناه أنه ملك للمقر وجعله للمقر له فهو إخبار دال على المخبر به فيلزمه الصدق، ويحتمل الكذب فيجوز تخلف مدلوله عنه كما في الاقرار بالطلاق مكرها كما قلنا، وسيأتي لقيام دليل الكذب وهو الاكراه، ولو كان معناه الثبوت ابتداء لصح لكونه إنشاء والانشاء لا يتخلف مدلوله عنه كما سيأتي تمامه قريبا. ولو أقر