وعبارة الغرر كهذا المتن: صالح عن عيب فظهر عدمه أو زال بطل الصلح، فلو قال الشارح بعد قوله فظهر عدمه أو عن دين فظهر كذلك كان أوضح، لان عبارته هذه ظاهرة في أن ضمير عدمه للدين وضمير زال للعيب أنهما للعيب.
وصورة العيب على ما في الدرر عن العمادية: ادعى عيبا في جارية اشتراها فأنكر البائع فاصطلحا على مال على أن يبرئ المشتري البائع من ذلك العيب ثم ظهر أنه لم يكن بها عيب أو كان ولكنه قد زال فللبائع أن يسترد بدل الصلح. ا ه.
وقال في المنح عن السراجية: اشترى حيوانا فوجد بعينه بياضا فصالحه منه على دراهم ثم ذهب البياض بطل الصلح. ا ه.
وفي البدائع: ولو صالحه من العيب ثم زال العيب بأن كان بياضا في عين العبد فانجلى بطل الصلح. ا ه. قال أبو الطيب.
أقول: وفي المنح فروع نفيسة فراجعها إن شئت. قوله: (أو زال العيب الخ) عزاه في الدرر إلى العمادية، لكن في منية المفتي ما يناقضه. وعبارتها: اشترى حيوانا فوجد في عينه بياضا فصالحه على دراهم ثم ذهب البياض يصح الصلح ا ه. لكن ما نقله الشارح ذكره من نقلنا عنهم كما سمعت.
وذكره مؤيد زاده عن الخزانة ونصها: ادعى المشتري العيب وأنكر البائع فاصطلحا على أن يرد البائع شيئا من الثمن ثم يبين أنه لم يكن بالمبيع عيب كان على البائع أن يسترد ما أدى، كما لو كان العيب متحققا ثم زال بعد الصلح.
وعلى هذا لو ادعى على إنسان حقا أو مالا ثم صالحه على مال فتبين أنه لم يكن عليه ذلك المال أو ذلك الحق: أي إن لم يكن ثابتا كان للمدعى عليه حق استرداد كل المال. ا ه. والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.
فصل في دعوى الدين وهو الذي يثبت في الذمة عيني. والأول أن يقول: فصل في الصلح عن دعوى الدين، ويقال مثله في العبارة الآتية للمصنف.
قال الحموي: لما ذكر الصلح مطلقا في عموم الدعاوي ذكر الصلح في الدين لأنه صلح مقيد والمقيد بعد المطلق. ا ه. لان ما ذكره في هذا الباب حكم الخاص وهو دعوى الدين، لان الخصوص أبدا يكون بعد العموم، والأصل أنه متى كان المصالح عليه أدون من حقه قدرا ووصفا أو في أحدهما فهو إسقاط للبعض وأخذ للباقي، وإن كان أزيد منه بأن دخل فيه ما لم يستحق من وصف أو ما هو في معناه كتعجيل مؤجل فمعاوضة. قوله: (الصلح الواقع الخ) أطلق الصلح ولكن المراد كونه على أقل مما عليه من الدين كما هو ظاهر العادة، فتخرج منه صورة التساوي إذ هي استيفاء وقبض عين حقه، وصورة كون المصالح عليه زيادة من الدين فيكون ربا وحراما ليسا بصلح، وأشار بالصلح إلى أنه