أقول: وتابع صدر الشريعة صاحب الدرر حيث قال: واعترض الزيلعي على قولهم أو يعوضه شيئا منها بأن المراد إما الهبة بشرط العوض فهي والشرط جائزان فلا يستقيم قوله: بطل الشرط وإن أراد به أن يعوضه عنها شيئا من العين الموهوبة فهو تكرار محض لأنه ذكره بقوله على أن يرد عليه شيئا منها.
وأقول: المختار الشق الأول، وقوله فهي والشرط جائزان ممنوع، وإنما يجوز إذا كان العوض معلوما. وأجاب العيني بأن قوله على أن يرد شيئا منها لا يستلزم أن يكون عوضا لان كونه عوضا إنما هو بألفاظ مخصوصة فيجوز أن يكون ردا ولا يكون عرضا، وأما قوله على أن يعوضه شيئا منها فتصريح بالعوض، ولا شك أنهما متغايران.
بقي أن يقال: ما أجاب به في الدرر والبحر وسبقهما إليه صدر الشريعة متعقب، فقد ذكر عزمي زاده ما نصه: يفهم من كلام صاحب الدرر أنه إذا وهب دارا بشرط أن يعوضه شيئا معينا منها تصح الهبة والشرط مع أنه ليس كذلك، فالصواب في الجواب أن يختار الشق الثاني ولا تكرار، لان الرد عليه لا يستلزم كونه عوضا، وفي هذا المقام كلام يعلم بمراجعة تكملة قاضي زاده. وقال المولى عبد الحليم، قوله بأن المراد ما الهبة بشرط العوض الخ أراد به عوضا لا من العين الموهوبة.
أقول: فيه بحث لأنه لم يرد به، إذ المفروض أن يكون العوض شيئا منها وقوله: وإن أراد به الخ هذا هو المراد ونمنع التكرار، لان رد الشئ منها لا يستلزم كونه مردودا على طريق العوض، بل المتبادر من الرد أنه مردود لا بطريق العوض فيحمل عليه، على أن العوض إنما يكون بألفاظ مخصوصة كما مر، وأيضا لا بد في التعويض من الإضافة إلى الهبة. ثم التحقيق أن شرط العوض من العين الموهوبة لغو لا يمنع الرجوع سواء كان معلوما أو لم يكن دل عليه ما ذكر في التتارخانية وغيرها، من أن الهبة لو كانت ألف درهم والعوض درهم منها أو كانت دارا والعوض بيت منها لم يكن عوضا، وكان للواهب أن يرجع في الهبة استحسانا. وقال زفر: يكون عوضا فظهر أن ما أجاب به المصنف قاصر كما لا يخفى. ا ه. قوله: (من اشتراط معلومية العوض) قال المصنف في منحه: وقيدنا العوض في المختصر بكونه معينا، وهو قيد لازم أخل به صاحب الكنز وغيره من أصحاب المتون ا ه.
قال الرملي في حاشيته عليها: قوله وهو قيد لازم أقول لا حاجة إليه بعد قوله بيع انتهاء الخ.
إذ قوله فيرد ويأخذ صريح في أنه معين فالألف واللام في العوض بدل عنه، فالتقدير عوض معين، وهذا غالب في عبارات المختصرات.
قال في البحر: وأراد بالعوض العوض المعين إذ في اشتراط العوض المجهول تكون هبة ابتداء وانتهاء لبطلان اشتراطه كما سيأتي. ا ه. فلم يقع من أصحاب المتون الخلل ا ه. قوله: (أعتق حمل أمة الخ) قيل فيه روايتان: في رواية: لا تجوز الهبة في الاعتاق والتدبير جميعا. وفي رواية: جازت فيهما جميعا، والصحيح ما في المتن. ووجه الفرق ما نذكره في المقولة الآتية بعد هذه عن الزيلعي كما في الخانية. قوله: (ولو دبره ثم وهبها لم يصح) قال الزيلعي: ولو أعتق ما في بطنها ثم وهبها جازت الهبة في الام لان الجنين غير مملوك واشتغال بطنها لا يوجب الفساد، كما إذا وهب أرضه وفيها