لان مدعي الرهن أثبت رهنا فاسدا فلا تقبل بينته فصار كأن مدعي الشراء انفرد بإقامة البينة، ولهذا قال شيخ الاسلام خواهر زاده: إنه إنما يقضي به بينهما فيما إذا اجتمع الشراء والهبة إذا كان المدعي مما لا يحتمل القسمة كالعبد والدابة، أما إذا كان شيئا يحتملها يقضي بالكل لمدعي الشراء، قال: لان مدعي الشراء قد استحق النصف على مدعي الهبة، واستحقاق نصف الهبة في مشاع يحتمل القسمة يوجب فساد الهبة فلا تقبل بينة مدعي الهبة، غير أن الصحيح ما أعلمتك من أن الشيوع الطارئ لا يفسد الهبة والصدقة ويفسد الرهن، والله تعالى أعلم. بحر.
قلت: وعلى ما مر من أن الاستحقاق من الشيوع المقارن ينبغي أن يقضي لمدعي الشراء بالأولى، فالحكم بالاستواء على كل من القولين مشكل، فليتأمل.
قال المصنف في المنح: هذا الكلام من العمادي يشير إلى أن الاستحقاق من قبيل الشيوع الطارئ، وليس كذلك بل هو من الشيوع المقارن المفسد كما صرح به في جامع الفصولين، وصححه في شرح الدرر والغرر ونقله في الكنز في كتاب الهبة وأقره. قوله: (وإن برهن خارجان على ملك مؤرخ الخ) قيد بالملك لأنه لو أقامها على أنها في يده منذ سنين ولم يشهد أنها له قضى بها للمدعي، لأنها شهدت باليد لا بالملك كما في البحر.
وفيه: ومن أهم مسائل هذا الباب معرفة الخارج من ذي اليد:
وفي جامع الفصولين: ادعى كل أنه في يده، فلو برهن أحدهما يقبل ويكون الآخر خارجا، ولولا بينة لهما لا يحلف واحد منهما.
ولو برهن أحدهما على اليد وحكم بيده ثم برهن على الملك لا تقبل، إذ بينة ذي اليد على الملك لا تقبل.
مطلب: من أهم مسائله دعوى الرجلين معرفة الخارج من ذي اليد أخذ عينا من يد آخر وقال إني أخذته من يده لأنه كان ملكي وبرهن على ذلك تقبل، لأنه وإن كان ذا يد بحكم الحال لكنه لما أقر بقبضه منه فقد أقر أن ذا اليد في الحقيقة هو الخارج.
ولو غصب أرضا وزرعها فادعى رجل أنها له وغصبها منه: فلو برهن على غصبه وإحداث يده يكون هو ذا يد والزراع خارجا، ولو لم يثبت إحداث يده فالزارع ذو يد والمدعي هو الخارج.
بيده عقار أحدث الآخر عليه يده لا يصير به ذا يد، فلو ادعى عليه أنك أحدثت اليد وكان بيدي فأنكر يحلف ا ه. وبه علم أن اليد الظاهر لا اعتبار بها.
ثم اعلم: أن الرجلين إذا ادعيا عينا، فإما أن يدعيا ملكا مطلقا أو ملكا بسبب متحد قابل للتكرار أو غير قابل أو مختلف أحدهما أقوى من الآخر أو مستويان من واحد أو من متعدد أو يدعي أحدهما الملك المطلق والآخر الملك بسبب أو أحدهما ما يتكرر والآخر ما لا يتكرر فهي تسعة، وكل منهما إما أن يبرهن أو يبرهن أحدهما فقط، أو لا برهان لواحد منهما ولا مرجح أو لأحدهما مرجح، فهي أربعة صارت ستا وثلاثين، وكل منها إما أن يكون المدعي في يد ثالث أو في يدهما أو في يد