ويخالفه ما في البدائع: لو ادعيا دارا وأحدهما ساكن فيها فهي للساكن، وكذلك لو كان أحدهما أحدث فيها شيئا من بناء أو حفر فهي له، ولو لم يكن شئ من ذلك ولكن أحدهما داخل فيها والآخر خارج عنها فهي بينهما، وكذا لو كانا جميعا فيها، لان اليد على العقار لا تثبت بالكون فيها وإنما تثبت بالتصرف ا ه.
أقول: لكن الذي يفهم من التعليل ومما تقدم قريبا أنه لا يقضي لهما في مسألة كون أحدهما داخلا فيها والآخر خارجا عنها تأمل.
تنبيه: قال في البدائع كل موضع قضى بالملك لأحدهما لكون المدعي في يده يجب عليه اليمين لصاحبه إذا طلب، فإن حلف برئ، وإن نكل قضى عليه به ا ه. شرنبلالية. قوله: (حيث لا يقضي لهما) لا بطريق الترك ولا بغيره لان الجلوس لا يدل على الملك. ا ه درر. قوله: (وهنا) أي في الجلوس على البساط إذا كانا جالسين عليه. قال في الزيلعي: وكذا إذا كانا جالسين عليه فهو بينهما، بخلاف ما إذا كانا جالسين في دار وتنازعا فيها حيث لا يحكم لهما بها لاحتمال أنها في يد غيرهما، وهنا علم أنه ليس في يد غيرهما ا ه.
مطلب: مسائل الحيطان قوله: (الحائط لمن جذوعه عليه) جمع جذع بالجيم والذال المعجمة للنخلة وغيرها، والمراد الأخشاب التي ترص على الجدران لأجل تركيب السقف عليها، وذلك لأنه في يد صاحب الجذوع، لان يده يد استعمال والحائط ما بني إلا له فوضعه علامة ملكه: ولو كان لكل منهما عليه ثلاثة جذوع فهو بينهما لاستوائهما في أصل العلة ولا يعتبر بالكثرة والقلة بعد أن تبلغ ثلاثا، وإنما شرطت الثلاثة لان الحائط يبني للتسقيف وذلك لا يحصل بما دون الثلاث غالبا فصار الثلاث كالنصاب له، ولو كان عليه جذوع لأحدهما ثلاثة وللآخر أقل فهو لصاحب الثلاثة عند أبي حنيفة استحسانا.
والقياس أن يكون بينهما نصفين، وهو مروي عنه، ولو كان لأحدهما جذع واحد ولا شئ للآخر قيل هما سواء، وقيل صاحب الجذع أولى. عيني.
وفي الفتاوي الخيرية من فصل الحيطان: فلو كان لكل جذع مشترك، فلو اختلفا وأقيمت البينة عمل بها وينظر في وضع الآخر، فإن كان قديما يترك على قدميه إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان للظن بأنه ما وضع إلا بوجه شرعي.
مطلب: حد القديم ما لا يحفظ الاقران وراءه وحد القديم أن لا يحفظ أقرانه وراء هذا الوقت كيف كان فيجعل أقصى الوقت الذي يحفظه الاقران حد القديم، وإن كان حادثا يؤمر برفعه، وإن سقط ليس له إعادته بغير رضا مالكه، لأنه إن كان بإذنه فهو معير وللمعير أن يرجع متى شاء، وإن كان بغير إذنه فهو غاصب. وإذا اختلفا في الحدوث: فإن ثبت بالبينة أمر برفعه وإزالته عن ملك الغير شرعا، وإن لم يثبت بالبينة لا يهدم، وتمامه فيه.
والحاصل: أن الحائط تارة يثبت بالبينة والبرهان وتارة بغيرها، فإن أقام أحد الخصمين البينة قضى له ولو أقاما البينة قضى لهما قضاء الترك، حتى لو أقام الآخر البينة قضى له كما في الفيض.