كتاب الصلح قوله: (مناسبته الخ) يعني أن الصلح يتسبب عن الخصومة المترتبة على إنكار المقر إقراره: أي فتناسب الصلح والاقرار بواسطتين ولكنها مناسبة خفية. والأظهر أن يقال: إن الصلح يكون عن الاقرار في بعض وجوهه كما سيبينه، فلذا ذكره بعده ثم ذكر معه قسميه تتميما للفائدة. قوله: (المقر) الصواب: المدعى عليه كما في الدرر قوله: (اسم من المصالحة) وهي المسألة، والأولى اسم للمصالحة والتصالح خلاف المخاصمة والتخاصم، وأصله من الصلاح وهو استقامة الحال على ما يدعو إليه العقل، ومعناه دال على حسنه الذاتي، وكم من فساد انقلب به إلى الصلاح، ولهذا أمر الله تعالى به عند حصول الفساد والفتن بقوله: * ((49) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) * (الحجرات: 9)، * ((4) والصلح خير) * (النساء: 821) والصالح: المستقيم الحال في نفسه. ذكره القهستاني.
وفي صلاة الجوهرة: الصالح القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد، وإنما ذكر الضمير بقوله هو لكونه مما يذكر ويؤنث كما في الصحاح. قوله: (ويقطع الخصومة) عطف تفسير كما يفيده الحموي، فإنه فسر رفع النزاع بقطع الخصومة. قوله: (مطلقا) أي فيما يتعين وفيما لا يتعين. قوله:
(فيما يتعين) إنما اشترط القبول لأنه ليس من الاسقاط حتى يتم بالمسقط وحده لعدم جريانه في الأعيان ط. قوله: (فيتم بلا قبول) أي من المطلوب إذا بدأ هو بطلبه، بأن ادعى شخص على شخص دراهم ونحوها فطلب المدعى عليه الصلح على نصفها فقال المدعي صالحتك على ذلك، فلا يشترط قبول المدعى عليه لان ذلك إسقاط من المدعي وهو يتم بالمسقط وحده، وهذا إنما يظهر في صورة الاقرار ط.
والحاصل: أن الموجب هو المدعي فيشترط قبول المدعى عليه فيما يتعين لا فيما لا يتعين. وأما إذا كان الموجب هو المدعى عليه فلا بد من القبول من المدعي مطلقا سواء فيه ما يتعين وما لا يتعين.
قوله: (وسيجئ) أي قريبا. قوله: (العقل) لا حاجة إليه لأنه شرط في جميع العقود والتصرفات الشرعية، فلا يصح صلح مجنون وصبي لا يعقل. درر. وكذا لا يصح صلح المعتوه والنائم والمبرسم والمدهوش والمغمى عليه إذ ليس لهم قصد شرعي، وخص بذكرهما لكونهما منصوصا عليهما بعدم جريان الاحكام الفرعية عليهما فيدخل حكم هؤلاء في حكمهما بالدلالة أو بالقياس، لان حالهم كحالهما بل أشد تارة. صرح به في الفصول. وأما السكران فلا يدخل فيهم لأنه مخاطب زجرا له وتشديدا عليه لزوال عقله بمحرم، ولذلك قال في منية المفتي: صلح السكران جائز.
أقول: قد سبق في كتاب الطلاق وفي شتى الاقرار إنما هو عند أكثر أئمتنا. وأما الكرخي والطحاوي ومحمد بن سلام قالوا بعدم وقوعه فيجري على الخلاف المذكور، لكن علمت أن الأصح