أي تحليف المدعي لما سبق من أن التحليف للحاكم، فإذا وقع عند غيره لا يبنى عليه حكم دينوي.
قال في نور العين: أراد تحليفه فبرهن أن المدعي حلفني على هذه الدعوى عند قاضي كذا يقبل، ولولا بينة له فله تحليف المدعي لأنه يدعي بقاء حقه في اليمين، ولو ادعى أن المدعي أبرأني عن هذه الدعوى ليس له تحليفه إن لم يبرهن إذ المدعي بدعواه استحق الجواب على المدعى عليه، والجواب إما إقرار أو إنكار. وقوله أبرأني الخ ليس بإقرار ولا إنكار فلا يسمع، ويقال له أجب خصمك ثم ادع ما شئت، وهذا بخلاف ما لو قال أبرأني عن هذا الألف فإنه يحلف، إذ دعوى البراءة عن المال إقرار بوجوبه والاقرار جواب، ودعوى الابراء مسقط فيترتب عليه اليمين. ومنهم من قال: الصواب أن يحلف على دعوى البراءة كما يحلف على دعوى التحليف، وإليه مال مح، وعليه أكثر قضاة زماننا ا ه.
وعبارة الدرر: ولو لم يكن له بينة واستحلفه: أي أراد تحليف المدعي جاز انتهت. وبه علم ما في عبارة الشارح من الايهام فتنبه. أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى.
ونقل أيضا عن البحر عن البزازية: ولو قال المدعى عليه حين أراد القاضي تحليفه أنه حلفني على هذا المال عنه قاض آخر أو أبرأني عنه إن برهن قبل واندفع عنه الدعوى، وإلا قال الامام البزدوي: انقلب المدعي مدعى عليه، فإن نكل اندفع الدعوى، وإن حلف لزمه المال، لان دعوى الابراء عن المال إقرار بوجوب المال عليه، بخلاف دعوى الابراء عن دعوى المال. ا ه. وظاهر هذا أن قول الشارح: وإلا فله تحليفه: أي وإلا يبرهن فله تحليفه: أي تحليف المدعي الأول تأمل. قوله:
(قلت ولم أر الخ) قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: وجدت في هامش نسخة شيخنا بخط بعض العلماء ما نصه: قد رأيتها في أواخر القضاء قبيل كتاب الشهادة من فتاوى الكرنبشي معزيا الأول قضاء جواهر الفتاوى. وعبارته: رجل ادعى على آخر دعوى وتوجهت عليه اليمين، فلما عرض القاضي اليمين عليه فقال: إني حلفت بالطلاق أن لا أحلف أبدا، والآن لا أحلف حتى لا يقع علي الطلاق، فإن القاضي يعرض عليه اليمين ثلاثا ثم يحكم عليه بالنكول ولا يسقط عنه اليمين بهذا اليمين ا ه. قوله: (فليحرر) هو محرر لأنه نأكل عن اليمين فيقضي عليه به، لان الذي تقدم أن الآفة إنما هي قيد في السكوت لا في قوله لا أحلف لو فرض إن هذا من الآفة. وسبق عن العناية أن القاضي لا يجد بدا من إلحاق الضرر بأحدهما في الاستحلاف على الحاصل، أو على السبب، فمراعاة جانب المدعي أولى، فعلى هذا لا يعزر بدعواه بالحلف بالطلاق ويقضي عليه بالنكول، على أن ذلك يكون بالأولى، لأنه هو الذي ألحق الضرر بنفسه بإقدامه على الحلف بالطلاق كما أفاده أبو السعود.
وأقول: لو كان ذلك حجة صحيحة لتحيل به كل من توجهت عليه يمين فيلزم ضياع حق المدعي ومخالفة نص الحديث واليمين على من أنكر فتدبر، والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم.
باب التحالف التحالف من الحلف بفتح الحاء: وهو القسم واليمين، فيكون معناه التقاسم، وأما الحلف بالكسر فهو العهد. وفي البحر عن القاموس: تحالفوا تعاهدوا. وفي المصباح: الحليف المعاهد، يقال