كتاب العارية مشروعيتها بالكتاب، وهو قوله تعالى: * (ويمنعون الماعون) * (الماعون: 7) والماعون: ما يتعاورونه في العادة، وقيل الزكاة، فقد ذم الله تعالى على منع الماعون وهو عدم إعارته فتكون إعارته محمودة. وبالسنة: وهي ما روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام استعار من أبي طلحة فرسا يسمى المندوب فركبه حين كان فزع في المدينة، فلما رجع قال: ما رأينا من شئ وإن وجدناه لبحرا وبالاجماع فإن الأمة أجمعت على جوازها، وإنما اختلفوا في كونها مستحبة، وهو قول الأكثرين أو واجبة وهو قول البعض انتهى شمني. قوله: (لان فيها تمليكا) أي وإيداعا فتكون من الوديعة بمنزلة المفرد من المركب والمركب مؤخر عن المفرد، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما قدمنا في الوديعة من أنه من باب الترقي، والأنسب في التركيب أن يقول ذكرها بعد الوديعة لاشتراكهما في الأمانة وأخرها لان فيها تمليكا. قوله: (النيابة عن الله تعالى في إجابة المضطر) أي إن المستعير مضطر وقال تعالى:
* () * (النمل: 26) وقد أغاثه المعير فكأنه نائب عن الله تعالى في إغاثته، وإن كان فعل المعير من الله تعالى فلا نيابة في الحقيقة ففاعلها قد تخلق بهذا الخلق، وورد تخلفوا بأخلاق الله. قوله: (لأنها لا تكون إلا لمحتاج) أي غالبا. قوله: (والقرض بثمانية عشر) حقق بعضهم أن ثواب الصدقة أكثر، وأن إفرادها أكثر كيفا وإن كانت في القرض أكثر كما قال المناوي نقلا عن الطيبي: القرض اسم مصدر والمصدر بالحقيقة الاقراض، ويجوز كونه بمعنى المقروض. قال البلقيني:
فيه أي في الحديث أن درهم القرض بدرهمي صدقة، لكن الصدقة لم يعد منها شئ والقرض عاد منه درهم فسقط مقابله وبقي ثمانية عشر، ومن ثم لو أبرأ منه كان عشرون ثوابا بالأصل، وهذا الحديث يعارضه حديث ابن حبان من أقرض درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة وجمع بعضهم بأن القرض أفضل من الصدقة ابتداء، فامتيازه عنها يصون وجه من لم يعتد السؤال، وهي أفضل انتهاء لما فيها من عدم رد المقابل. وعند تقابل الخصوصيتين ترجح الثانية باعتبار الأثر المترتب.
والحق أن ذلك يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال والأزمان، وعليه ينزل الأحاديث المتعارضة ا ه ط. قوله: (مشددة) كأنها منسوبة إلى العار، لان طلبها عار وعيب صحاح. ورده في النهاية بأنه (ص) باشر الاستعارة، فلو كان العار في طلبها لما باشرها، وعول على ما في المغرب من أنها اسم من الإعارة وأخذها من العار العيب خطأ ا ه. ومثله في معراج الدراية. وذكر في البدرية أنه يحتمل أن تكون العارية اسما موضوعا لا نسبيا كالكرسي والدردي نظيره كعيت وكميت صيغة تصغير وليس بتصغير.
وفي المبسوط: قيل العارية مشتقة من التعاور وهو التناوب كأنه يجعل للغير نوبة في الانتفاع بملكه على أن تعود النوبة إليه بالاسترداد متى شاء، ولهذا كانت الإعارة في المكيل والموزون قرضا لأنه لا ينتفع به إلا بالاستهلاك فلا تعود النوبة إليه في عنيه ليكون إعارة حقيقة وإنما تعود النوبة إليه في