قال سيدي الوالد في تنقيحه: في جواب سؤال حاصله: إذا وهبت امرأة من أولادها حصة من بناء طاحونة هل تصح أم لا؟
فأجاب: أما هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة، فهي صحيحة كما صرح به في المعتبرات، لكن في هذه المسألة وهبة البناء دون الأرض لا تصح إلا إذا سلطه الواهب على نقضه.
قال في الدرر: وكذا تجوز هبة البناء دون العرصة إذا أذن الواهب في نقضه وهبة أرض فيها زرع دونه: أي دون الزرع أو نخل فيها ثمر دونه: أي دون الثمر إذا أمره: أي الموهوب له بالحصاد في الزرع والجذاذ في الثمر، لان المانع للجواز الاشتغال بملك المولى، فإذا أذن المولى في النقض والحصاد والجذاذ، وفعل الموهوب له زال المانع، فجازت الهبة. ا ه. ونقله في المنح عنها وأقره.
وأفتى المرحوم عماد الدين عن سؤال رفع إليه وصورته: فيما إذا كان لزيد عمارة قائمة في أرض الغير، فملك زيد العمارة المزبورة لزوجته، ولم يأذن لها بنقض العمارة، فهل يكون التمليك غير صحيح أم لا؟
الجواب: نعم يكون التمليك غير صحيح، فلينظر في مسألتنا هل سلطته على نقضه أم لا؟ فعند ذلك يظهر الجواب، والله أعلم بالصواب.
قال في الفتاوى الهندية من الهبة: ومنها أن يكون الموهوب مقبوضا حتى لا يثبت الملك للموهوب له قبل القبض وأن يكون مقسوما إذا كان مما يحتمل القسمة، وأن يكون متميزا عن غير الموهوب، ولا يكون متصلا ولا مشغولا بغير الموهوب، حتى لو وهب أرضا فيها زرع للواهب، دون الزرع أو عكسه أو نخلا فيها ثمرة للواهب معلقة به دون الثمرة أو عكسه لا يجوز، وكذا لو وهب دارا أو ظرفا فيها متاع للواهب. كذا في النهاية ا ه. وعلى هذا فقول البزازية: وهب البناء لا الأرض يجوز يحمل إطلاقه على ما إذا أذن له الواهب في نقضه كما هو صريح الدرر وجامع الفتاوى كما تقدم، لكن أفتى مفتي الروم علي أفندي بمقتضى إطلاق البزازية بالجواز من غير قيد كما في فتاواه التركية الشهيرة، والله أعلم.
أقول: وما في البزازية نقل مثله في نور العين عن المنية، ومثله في التتارخانية عن الذخيرة حيث قال: هبة البناء دون الأرض جائزة، ولو وهب لرجل نحلة: وهي قائمة لا يكون قابضا لها حتى يقطعها ويسلمها إليه. ا ه. هذا والموافق للمتون ما مر عن الدرر لقول الكنز وغيره، تصح في محوز مقسوم ومشاع لا يقسم، ويظهر لي التوفيق بين كلامهم بأن من قال كالدرر لا تصح إلا إذا سلطه الواهب على نقضه معناه لا تتم، ولا تملك إلا إذا أذن له الواهب بالنقض ونقضه، لأنه بعد النقض صار محوزا مسلما، ومن قال تصح ولم يقيد بذلك أراد أنه يصح العقد، وإن لم يغد الملك وحينئذ فلا تنافي بين الكلامين. اه. مختصرا. وتمام تحقيقه ثمة فراجعه، والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.
باب الرجوع في الهبة بمعنى الموهوب لان الرجوع إنما يكون في حق الأعيان لا في حق الأقوال، ولو وهب الدين من غير من عليه الدين وسلطه على قبضه، وقبل وقبض له الرجوع لان الهبة هنا تمليك لا إسقاط حموي. بخلاف هبته ممن هو عليه فلا رجوع فيها لأنها إسقاط، والساقط لا يعود. درر منتقى. ويصح الرجوع فيها كلا أو بعضا ملتقى فلا يمنع الشيوع كما لو وهبا عبدا لأحدهما الرجوع، وأطلق في