مكان يأوي إليه ويستر فيه أهله ويحفظ فيه ماله يؤدي إلى هلاكه فكان لا بد له منه فألحق بماله مطالب أيضا، نظيره ما قالوا في الكفالة بالنوائب فهي صحيحة، وإن كانت تؤخذ منه بغير حق لأنها تؤخذ منه فوق أخذ الحق فجازت الكفالة بها لدفع التضييق عليه، فتأمل.
أقول: وقد ذكر الشارح قبل كفالة الرجلين أصلين آخرين: أحدهما من قام عن غيره بواجب بأمره رجع بما دفع، وإن لم يشترطه كالآمر بالانفاق عليه وبقضاء دينه إلا في مسائل أمره بتعويض عن هبته وبإطعام عن كفارته وبأداء عن زكاة ماله وبأن يهب فلانا عني ألفا ثانيهما في كل موضع يملك المدفوع إليه المال مقابلا بملك مال، فإن المأمور يرجع بلا شرط، وإلا فلا فالمشتري أو الغاصب إذا أمر رجلا بأن يدفع الثمن أو بدل الغصب إلى البائع أو المالك كان المدفوع إليه مالكا للمدفوع بمقابلة مال هو المبيع أو المغصوب، وظاهره أن الهبة لو كانت بشرط العوض فأمره بالتعويض عنها يرجع بلا شرط لوجود الملك بمقابلة مال، بخلاف ما لو أمره بالاطعام عن كفارته أو بالاحجاج عنه ونحوه فإنه ليس بمقابلة مال، فلا رجوع للمأمور على الآمر إلا بشرط الرجوع، ويرد عليه الامر بالانفاق عليه، فإنه قدم أنه يرجع بلا شرط مع أنه ليس بمقابلة مال، فلا رجوع للمأمور على الآمر إلا بشرط الرجوع، وكذا الامر بأداء النوائب وبتخليص الأسير على ما مر.
قال في النوازل: قوم وقعت لهم مصادرة فأمروا رجلا أن يستقرض لهم مالا ينفقه في هذه المؤنات ففعل فالمقرض يرجع على المستقرض، والمستقرض هل يرجع على الآمر إن شرط الرجوع؟
يرجع، وبدون الشرط لا يرجع، والمختار أنه يرجع. تتارخانية في كتاب الوصايا.
وفي مجموعة النقيب عن العمادية: أن المأمور بالانفاق من مال نفسه في حاجة الامر، قال بعضهم: يوجب الرجوع إذا اشترطه، وقال بعضهم: يوجب الرجوع من غير اشتراطه وهو الأصح.
ولو قال عوض عن هبتي أو أطعم عن كفارتي أو أد زكاة مالي أو وهب فلانا عني ألفا لا يرجع بلا شرط الرجوع كما في البزازية.
وذكر في السراج الوهاج ضابطا آخر: أن الواهب الذي سقط عن الآمر بدفع المأمور إن كان من أحكام الآخرة فقط لم يرجع بلا شرط الرجوع، لأنه لو رجع بأكثر مما أسقط، وإن كان من أحكام الدنيا رجع بلا شرط. ا ه. وقيد هذا في الخلاصة بما إذا قال ادفع مقدار كذا إلى فلان عني، فلو لم يقل عني أو ادفعه فإني ضامن فدفع المأمور إن كان شريك الآمر أو خليطه وتفسيره بأن يكون بينهما في السوق أخذوا عطاء ومواضعة، فإنه يرجع على الآمر بالاجماع، وكذا لو كان الآمر في عيال المأمور أو المأمور في عيال الآمر، وإن لم يوجد واحد من هذه الثلاثة فلا رجوع عليه، وعند أبي يوسف يرجع، وهذا إذا لم يقل اقض عني، فإن قال: ثبت له حق الرجوع بالاجماع من مجموعة النقيب:
قال في الخانية: ذكر في الأصل إذا أمر صيرفيا في المصارفة أن يعطي رجلا ألف درهم قضاء عنه أو لم يقل قضاء عنه ففعل المأمور فإنه يرجع على الآمر في قول أبي حنيفة، فإن لم يكن صيرفيا لا يرجع، إلا أن يقول عني، ولو أمره بشرائه أو بدفع الفداء يرجع عليه استحسانا، وإن لم يقل على أن ترجع علي بذلك، وكذا لو قال أنفق من مالك على عيالي أو في بناء داري يرجع بما أنفق، وكذا لو قال اقض ديني يرجع على كل حال، ولو قضى نائبة غيره بأمره رجع عليه، وإن لم يشترط الرجوع هو الصحيح ا ه.