الهبة أيضا، قال في المحيط البرهاني: ولو وصل إلى الواهب الثاني بهبة أو إرث أو وصية أو شراء أو ما أشبه ذلك لم يكن للواهب الأول أن يرجع. قوله: (فلو ضحى الخ) أما لو طبخها بعد أن ضحى بها أو بدون التضحية ينبغي أن لا يرجع لأنه بمنزلة الاستهلاك كما علم في باب الغصب. قوله: (لا يمنع الرجوع) وتجزيه عن الأضحية والمتعة عند محمد، وليس له الرجوع في قول أبي يوسف، والصحيح أن قول الإمام كقول محمد. هندية عن المحيط. قال ط: وسكت عن النذر والظاهر عدم الاجزاء لعدم الوفاء بالنذر ا ه.
قال السائحاني: ويظهر أنها تجزئ عن النذر والقران، أما على رواية أنها غير فسخ من الأصل إذا لم تكن بقضاء فظاهر، وأما على غيرها فلان هذه الأشياء غير محسوسة، حتى يتأتى فيها النقض، وصرحوا بأن الزكاة لا تعود وكذا الشفعة فيما لو وهب المال قبل الحول ثم رجع بعده، وفيما لو رجع بعدما وهب الدار وبيعت دار بجوارها وسيأتي:
ووهب شاة راجع بعد ذبحها * فيجزئ من ضحى عليها ويؤجر وهذا البيت تصريح ببعض ما ظهر لي. ا ه.
أقول: ولأنه وإن لم يبح له أكل المنذور لكنه باق على ملكه بعدم الذبح ولذا يتصدق به والصدقة لا تكون إلا بما هو ملكه. تأمل. قوله: (والنذر) لعله أراد به هنا المطلق فلا يتكرر مع المصنف. أو يقال إنما كررها بعد ذكر المتن لها، لأنه نقل عبارة المجتبى برمتها تأييدا لما في المتن. قوله: (فجعله) أي الموهوب له. قوله: (فله الرجوع) ما لم يقبضه للمتصدق عليه، ولو وهب له شيئا وقبضه فاختلسه الواهب واستهلكه غرم قيمته للموهوب له، ولو كان شاة فذبحها الواهب بعد قبض الموهوب له يأخذ الشاة المذبوحة من غير تغريم، بخلاف ما لو كان ثوبا فقطعه الواهب فإن الموهوب له يأخذ الثوب ويغرم الواهب له ما بين القطع والصحة. هندية. قوله: (خلافا للثاني) أي فلا يمتنع الرجوع عنده، والخلاف يجري أيضا في مسألة الأضحية وما عطف عليها كما هو في المجتبى. ولذا قال فيما لو ذبحها من غير تضحية: له الرجوع اتفاقا أي لم يخالف فيها أبو يوسف، لأنها لم تخرج عن ملكه أصلا. وفي التضحية خرجت لله تعالى وهما يقولان وإن وقعت التضحية لله تعالى لكنها إنما وقعت القربة بإراقة الدم، ولذا له أن يأكل لحمها، فلم تخرج عن ملكه بالكلية، وهذا ظاهر في الأضحية.
وأما في النذر فكذلك كما علمت. قوله: (فله الرجوع اتفاقا) لأنها لم تخرج عن ملكه أصلا. قوله:
(سقط الدين والجناية) كما قدمناه.
وصورة المسألة: رجل له على عبد دين فوهبه مولاه لصاحب الدين وقبله سقط دينه، لان بقبوله الهبة كان راضيا بإسقاط حقه في الدين وأرش الجناية لأنهما يتعلقان برقبة العبد، ولا يرجع على العبد بشئ لان السيد لا يستوجب حقا على عبده. قوله: (ثم لو رجع) أي الواهب في هبته. قوله: (صح