ذلك في فتاوى قاضيخان وغيره، وذلك كهبة مهرها بشرط أن يحج بها، أو يحسن إليها أو يقطع لها في كل حول ثوبا مرتين، فجعلوا اشتراط نفقة الحج والاحسان إليها وقطع الثوب بمنزلة شرط العوض، بل جعل بعض المشايخ شرط ترك ظلمها في هبتها مهرها أو شرط المكث معها مثله في الحكم، فحكموا ببطلان هبتها إذا ظلمها أو لم يمكث معها وهو المختار، وكأنه لانتفاعها بهما لشبههما بالعوض في الجملة، وإن لم يكونا عوضين حقيقة، فكأنهم عملوا فيه بالشبهين، فأفسدوا الهبة متى لم يحصل المشروط للواهب لشبهه بالعوض، فإنه لا تتم الهبة إذا لم يحصل العوض، وصححوها متى حصل النفع المشروط وإن كان مجهولا جهالة فاحشة كترك الظلم المجهول لجهالة مدته لأنه ليس بعوض حقيقة، وهذا بخلاف الشروط المذكورة في الكتاب. وأما إذا شرط عوضا مجهولا جهالة فاحشة كما إذا شرط أن ينفق على الواهب ما يخرج من الأرض القراح الموهوبة فالهبة فاسدة مطلقا كما صرحوا به، والظاهر أن الفساد لكونه تعليل الهبة بالخطر إذ الخروج موهوم، هذا ما فهمت من كتب الفتاوى.
كذا ذكره جوى زاده. وسيأتي تمامه آخر الفصل. قوله: (وبطل الاستثناء في الصورة الأولى) لان الاستثناء لا يعمل إلا في محل يعمل فيه العقد والهبة لا تعمل في الحمل لكونه وصفا للجارية فانقلب شرطا فاسدا، والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة. وقد أوسع الكلام على الحمل الاتقاني، ونقله الشلبي عنه فراجعه إن شئت ط.
وفي البحر: وكذا الحكم في كل معاوضة مال بغير مال كالنكاح والخلع والصلح عن دم عمد والصدقة والعتق، بخلاف المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والرهن والكتابة لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع وشرط، وبخلاف الوصية حيث تجوز في الام دون الحمل، وفي الحمل دون الام لان بابها أوسع. ولو أعتق حملها ثم وهبها صح لان الجنين غير مملوك له فاشتغال بطنها به لا يوجب الفساد، بخلاف ما إذا دبر الحمل ثم وهبها حيث لا تجوز الهبة لان ملكه فيه باق فكانت هبة مشغول، بخلاف الأول. ا ه. ويأتي قريبا. قوله: (لأنه بعض) وقد مر أنه يشترط أن لا يكون العوض بعض الموهوب وهو تعليل لقوله على أن يرد شيئا منها. قوله: (أو مجهول) تعليل لقوله على أن يعوض في الهبة والصدقة شيئا عنها ولا يشمل الثلاث التي بعد الأولى، فالأولى تعليل الهداية بأن هذه الشروط تخالف مقتضى العقد فكانت فاسدة والهبة لا تبطل بها إلا أن يقال: قوله والهبة لا تبطل بالشروط من تتمة التعليل. قوله: (بالشروط) أي الفاسدة. قوله: (ولا تنس ما مر) أي فجهالته مفسده. قال في السراج: والأصل في هذا أن كل عقد من شرطه القبض فإن الشرط لا يفسده كالهبة والرهن. ا ه. ونبه الشارح بقوله: ولا تنس إشارة إلى دفع ما قاله الزيلعي تبعا للنهاية من أن قوله أو على أن يعوض الخ فيه إشكال، لأنه إن أراد به الهبة بشرط العوض فهي والشرط جائزان فلا يستقيم قوله بطل الشرط وإن أراد به أن يعوضه عنها شيئا من العين الموهوبة فهو تكرار محض، لأنه ذكره بقوله على أن يرد عليه شيئا منها ا ه.
وحاصل الدفع: أن المراد الأول، وإنما بطل الشرط لجهالة العوض. كذا أفاده في البحر. ثم رأيت صدر الشريعة صرح به فقال: مرادهم ما إذا كان العوض مجهولا، وإنما يصح العوض إذا كان معلوما ا ه.