ويكون الرجوع في العوض بالتراد وفي الهلاك برد البدل. قوله: (جاز هذا الاتفاق منهما) أي على أنه هبة مبتدأة كما بينته عبارة المجتبى فيشترط فيه ما يشترط في الهبة مما تقدم في الشروط.
ونقل المصنف في آخر الفصل عن المحيط: رجل تصدق بصدقة فسلمها إليه ثم تقايلا الصدقة لم يجز، حتى تقبض لأنها هبة مستقلة مستأنفة لأنه لا رجوع فيها، وكذا الهبة إذا كانت لذي رحم محرم . ا ه.
والحاصل: أنه تصح الإقالة في الهبة والصدقة في المحارم بالقبض مع أنه وجد فيها ما يمنع من الرجوع ومع ذلك جاز بتراضيهما، لأنا جعلناه هبة مبتدأة ولذا شرط فيها ما يشترط للهبة، وحينئذ فلا يظهر ما توقف به الطحطاوي. قوله: (في المحارم) ظاهر تقييده بالمحارم يفيد أن القبض لا يشترط في غيرهم.
وفي شرح المصنف: وأطلق أبو يوسف في رواية ابن سماعة خلافه تصدق وسلم، ثم استقاله فأقاله لم يجز حتى يقبض. ا ه.
وهذا يفيد ما ذكرنا، ثم فائدة التقييد بالقبض أنه لو لم يقبضه وتصرف فيه الموهوب له صح تصرفه، ونظيره يقال فيما بعده ط. قوله: (لأنها) أي الإقالة هبة: أي مستقلة. قوله: (وكل شئ يفسخه الحاكم إذا اختصما إليه فهذا حكمه) أي يفتقر للقبض، لكن الذي نحن فيه عدم فسخ القاضي، والظاهر أن لفظة لا ساقطة وأصل الكلام وكل شئ لا يفسخه الحاكم كما هو الواقع في الخانية، وبه يظهر المعنى، ويكون المراد منه تعميم المحارم وغيرهم مما لا رجوع في هبتهم، وسيجئ أن المعتمد الصحة، ويمكن أن يراد بقوله وكل شئ يفسخه الحاكم الخ أي إن الهبة للمحارم والصدقة مطلقا إذا رفعت للحاكم وأراد صاحبها الرجوع فيها يفسخ دعواه الحاكم، بمعنى أنه يبطلها ويحكم عليه بعدم صحتها، فإن اتفقا عليها كانت هبة مبتدأ فيشترط لها شروط الهبة، وكذا كل ما كان فيها مانع من موانع الرجوع، فتأمل. قوله: (لأنه غير مقبوض) لان هبة الدين من غير من عليه الدين لا تجوز إلا بأن يسلطه على قبضه، والصغير لا قبض له إلا بقبض وليه، وهو من عليه الدين فلا يوجد القبض، لكن سيجئ أن المعتمد الصحة، ويفهم منه جواز عكسه وهو هبة الأب دينا على طفله لأنه مقبوض للأب إذا كان للطفل مال في يده. قوله: (قضى ببطلان الرجوع لمانع) نقله صاحب الدرر من المحيط، وهكذا في الذخيرة والخانية، وذكر في التبيين وغيره أن الموهوب لو وصيفا فشب عند الموهوب له وكبر، وطال ثم صار شيخا فقلت قيمته لم يرجع فيه، وعلى هذا جميع الحيوان، وعلل بأنه زاد من وجه، وانتقص من وجه آخر وحين زاد سقط حق الرجوع، فلا يعود، وأنت خبير بأنه بين هذا وبين ما ذكر صاحب الذات لم يعد إلى حاله الأول، ولكن ذكر الناطفي في أجناسه أنه يرجع، ولعل وجهه أن الذات بعد زوال الزيادة هو الذات الأول. قوله: (ثم زال المانع) مبني على ما قدمه في الخانية. واعتمده القهستاني لكن في كلامه هناك إشارة إلى اعتماد خلافه.