قوله: (من ماله) الضمير يرجع لأقرب مذكور، لا سيما وقد علم من صريح عبارة البزازية، ولو كان العوض من مال الأب صح لما مر، وسيأتي من صحة التعويض من الأجنبي. قوله: (ولو وهب العبد) أي وهب له شخص، ووهب بضم الواو مبني للمجهول: أي وهب له شخص شيئا. قوله: (ثم عوض) أي عوض العبد عن هبته. قوله: (فلكل منهما الرجوع) وجهه في العبد ظاهر لان الهبة تبرع وهو ليس من أهله، فإذا ملك العبد الرجوع لبطلان الهبة فكذا للموجب له الرجوع بالعوض، لان التعويض مبني على الهبة وقد بطلت: أبو السعود. ويحتمل أن وهب مبني للفاعل وعوض مبني للمفعول.
قال في الخانية: العبد المأذون إذا وهب لرجل فعوضه الموهوب له كان لكل واحد منهما أن يرجع فيما دفع، لان هبة العبد باطلة مأذونا كان أو محجورا، وإذا بطلت الهبة بطل التعويض. قوله:
(من نصراني) من هنا بمعنى اللام. قوله: (خمرا) مفعول تعويض ومفعول هبة محذوف وهو من إضافة المصدر لفاعله، والمعنى: لا يجوز أن يعوض المسلم خمرا أو خنزيرا إذا وهب له النصراني شيئا، لأنا نهينا عن تمليك الخمر والخنزير وتملكهما، فللذمي أن يرجع في هبته. قال الطحطاوي: والظاهر أنه لو كانت المسألة بالعكس يكون الحكم كذلك، يحرر.
قال في الهندية: وأهل الذمة في الهبة بمنزلة المسلمين لأنهم التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع إلى المعاملات إلا أنه لا تجوز المعاوضة بالخمر من الهبة فيما بين المسلم والذمي، سواء كان المسلم هو المعوض الخمر أو الذمي، ثم ذكر ذمي وهب لمسلم شيئا فعوضه خمرا له الرجوع في هبته. ا ه. قوله:
(بعض الموهوب) قال في العناية: مثل أن يكون الموهوب دارا والعوض بيت منها أو الموهوب ألفا والعوض درهم منها فإنه لا ينقطع به حق الرجوع، لأنا نعلم بيقين أن قصد الواهب من هبته لم يكن ذلك فلا يحصل به، خلافا لزفر فإنه قال: التحق بذلك سائر أمواله وبالقليل من ماله ينقطع الرجوع، فكذا هذا. وتمامه فيها. قوله: (فله الرجوع في الباقي) لان حقه كان ثابتا في الكل فإذا وصل إليه بعضه لا يسقط حقه في الباقي. زيلعي. قوله: (صح) سواء كانا في مجلس أو مجلسين. بحر. قوله:
(وإلا لا) هي مسألة المصنف. قوله: (في هبة) يعني إذا وهبه دراهم تعينت فلو أبدلها بغيرها كان إعراضا منه عنها. فلو أتى بغيرها ودفعه له فهو هبة مبتدأة وإذا قبضها الموهوب له وأبدلها بجنسها أو بغير جنسها لا رجوع عليه، ومثل الدراهم والدنانير ط. قوله: (ورجوع) أي ليس له أن يرجع إلا إذا كانت دراهم الهبة قائمة بعينها، فلو أنفقها كان إهلاكا يمنع الرجوع ط. قوله: (لحدوثه بالطحن) أي فهو غير الحنطة، فلا يقال إنه عين الموهوب أو بعضه، ولذا لو وهب الدقيق في الحنطة ثم طحنه وسلمه لم يصح، لأنه لما وهبه كان معدوما حين الهبة كما قدمنا. قوله: (وكذا لو صبغ) لان الشئ مع غيره غيره مع نفسه، فالثوب المصبوغ والسويق الملتوت بالسمن غيرهما خاليين عن الصبغ واللت،