مستصفى، لكن قد يقال: إن الأصل أن المعروف كالملفوظ كما صرح به في الكافي، وفي العرف يقصد التعويض ولا يذكر خذ بدل هبتك ونحوه استحياء، فينبغي أن لا يرجع، وإن لم يذكر البدلية.
وفي الخانية: بعث إلى امرأته هدايا وعوضت المرأة وزفت إليه ثم فارقها فادعى الزوج أن ما بعثه عارية وأراد أن يسترد وأرادت المرأة أن تسترد العوض فالقول للزوج في متاعه لأنه أنكر التمليك، وللمرأة أن تسترد ما بعثته إذ تزعم أنه عوض للهبة، فإذا لم يكن ذلك هبة لم يكن هذا عوضا فلكل منهما استرداد متاعه.
وقال أبو بكر الإسكاف: إن صرحت حين بعثت أنه عوض فكذلك، وإن لم تصرح به ولكن نوت أن يكون عوضا كان ذلك هبة منها وبطلت نيتها، ولا يخفى أنه على هذا ينبغي أن يكون في مسألتنا اختلاف. يعقوبية. قوله: (ولذا الخ) قال ط: الأولى حذف لذا لأنه جعله مرتبطا بما زاده، وإبقاء المصنف على ظاهره لأنه يفيد حكم ما ذكره الشارح بالأولى ا ه. نعم هو تعليل لما يفهم من قوله رجع كل بهبته فإنه حيث سمى العوض هبة لأنه تمليك جديد، وإن سمى عوضا شرط له ما يشترط للهبة. قوله: (وإفراز) عن مال المعوض فإنه إن عوضه ثمرا على شجر لا يتم حتى يفرزه.
وفي الهندية: إن العوض المتأخر حكمه حكم الهبة يصح بما تصح به ويبطل بما تبطل به إلا في إسقاط الرجوع على معنى أنه يثبت حق الرجوع في الأول ولا يثبت في الثانية. ا ه. وهذا يدل على أن العوض لا يشترط في عقد الهبة ط. قوله: (ولو العوض مجانسا) أي من جنس الهبة ويسيرا: أي أقل منها، وذلك لان العوض ليس ببدل حقيقة، إذ لو كان كذلك لما جاز بالأقل للربا، يحقق ذلك أن الموهوب له مالك للهبة والانسان لا يعطي بدل ملكه لغيره، وإنما عوضه ليسقط حقه في الرجوع، وأيضا فإنه لما كان العوض تمليكا جديدا، وفيه معنى الهبة المبتدأة ولذا شرط فيه شرائطها فيجوز بأقل من الموهوب، ولو من جنسه لا فرق بين الأموال الربوية وغيرها، ولو كان عوضا من كل وجه لامتنع في الأموال الربوية إلا مثلا بمثل يدا بيد عند اتحاد الجنس. قوله: (وهو تحريف) لكن قد يقال على هذه النسخة إنه أراد بالعقد عقد الهبة، فأل للعهد الحضوري ويراد به المعقود عليه.
والحاصل: أنه لا ملجئ إلى الحكم عليه بالتحريف مع إمكان صحته، إذ الأصل في اللام أو تكون للعهد والعقد المعهود هو الذي بوب له، وهو عقد الهبة فكان معنى النسختين معتمدا. تأمل.
قوله: (ولا يجوز للأب الخ) لأنه تبرع ابتداء وليس له أن يتبرع من مال الابن، فإن عوض فللواهب أن يرجع في هبته لبطلان التعويض بزازية، وهذه العلة تفيد أن الأب يرجع بما عوض، لأنه هبة من كل وجه فصح الرجوع به، والظاهر عدم كراهة الرجوع فيه لأنه لم يتبرع فيه ابتداء، بل لقصد التعويض ولم يتم له، فكان كما لو استحق الموهوب فإنه يرجع بالعوض، فكذا هنا، ولا يجوز له التعويض، وإن كانت الهبة للصغير بشرط التعويض كما في الهندية. ومما يتفرع على كون العوض بمعنى الهبة أنه لا يجوز لأنها تبرع، وليس للأب أن يتبرع بمال ابنه وله مندوحة عن رجوع الواهب في الهبة مع أن المسلم له مانع من دينه أن يرتكب المكروه، ومع ذلك لو باع العين الموهوبة للصغير امتنع الرجوع، وله ذلك في المنقول، فإن جاز له ذلك في العقار للضرورة تزاد على المسائل التي يباع فيها عقار الصغير.