والفتاوى صحة التعويض من غير اشتراطه في عقد الهبة، فيتعين تخطئته لو لم يحمل العقد على عقد العوض كما سمعت، وهذا لا يمنع منه ظاهر عبارة المجتبى.
قال في المنح بعد نقل عبارة الجوهرة: وهو مخالف لما وقع في المجتبى معزيا إلى شرح القدوري من قوله إنما يسقط الرجوع إذا كان مشروطا في العقد، فأما إذا عوضه بعده فلا، وهي هبة مبتدأة.
قال الرملي: وقد يقال: ما في الجواهر لم يدخل في كلام المجتبى، إذ ما في الجواهر صلح عن حق الرجوع نصا، وقد صح الصلح فلزم سقوطه ضمنا، بخلاف ما لو أسقطه قصدا فكم من شئ يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا وليس بحق مجرد حتى يقال يمنع الاعتياض عنه كما هو ظاهر، وما في المجتبى مسألة أخرى، فتأمله. قوله: (اشتراطه) أي العوض لكن سيجئ البحث في هذا الاشتراط.
قوله: (ويمنع الرجوع) أي ومنع الرجوع في الهبة الموانع الآتي تفصيلها. قوله: (حروف دمع خزقة) أي منحوتها: أي مرموزها قيل هو من نظم الامام النسفي وقيل لغيره. در منتقى. قال البرجندي:
هذا التركيب لمجرد الضبط، وليس معه معنى يعتد به. ا ه. وغاية ما يتكلف له أن يكون دمع خزقة فاعل يمنع، وفي الصحاح خزقتهم بالنبل: أصبتهم بها. ا ه. فالمعنى: إصابة دمع. وفي الدرر:
الخزق: الطعن، والخازق: السنان، فكأنه شبه الدمع بالسنان ا ه. وهذا وما قبله يفيد تنوين دمع، وأن خزق فعل ماض والهاء ضمير يرجع إلى الشخص. قال القهستاني: والمعنى التركيبي أن دمعه لكثرته كأن أطرافه نصول تجرح وجعه، وله ضوابط أخر كخزع قدمه: أي تخلف ودنى عز خدمه وزعق خدمه: أي صاح. وفي القهستاني عن العمادي أنه الرجوع يصح في الفاسدة وإن وجد أحد الموانع، لان المقبوض منها مضمون بعد الهلاك فله الرجوع قبله. ا ه. فالمانع إنما هو في الصحيحة ط والنظم المنسوب للنسفي هو بيت مفرد وهو:
ويمنع الرجوع في فصل الهبة * يا صاحبي حروف دفع خزقه قال الرملي: قد نظم ذلك ولدي العلامة شيخ الاسلام محيي الدين فقال:
منع الرجوع من المواهب سبعة * فزيادة موصولة موت عوض وخروجها عن ملك موهوب له * زوجية قرب هلاك قد عرض قوله: (يعني الموانع السبعة الآتية) بقي ثامن وهو ما ذكره في المبسوط ومنية المفتي من أنه إذا وهب للصغير شيئا لا يرجع به. ا ه. لكن قدمنا عن البزازية عند قول الشارح: ويبيع القاضي الخ أنه لو وهب للصغير فعوضه أبوه من ماله لا يجوز، وإن عوض فللواهب الرجوع لبطلان التعويض وإن عدم الرجوع فيما إذا عوض الأب أو الأجنبي من مالهما أو كان نوى الواهب الصدقة عند الاعطاء فلا تنسه. قوله: (الزيادة في نفس العين) قيد به لأنها لو كانت في قيمتها لا يمنع لأنها حينئذ لرغبة الناس إذا العين بحالها. ذكره الشمني. ومثله في الهندية، وفيها: وكذا إذا زاد في نفسه من غير أن يزيد في القيمة: أي فله الرجوع ولو نقله من مكان إلى مكان حتى ازدادت قيمته واحتاج إلى مؤنة النقل ذكر في المنتقى أنه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ينقطع الرجوع، ولو وهب عبدا كافرا فأسلم في يد الموهوب له أو وهب عبدا حلال الدم فعفا ولي الجناية في يد الموهوب له لا يرجع، ولو كانت الجناية