واحد من اثنين لم يصح عند أبي حنيفة. وقالا: يصح، لان هذه هبة الجملة منهما لتوحيد التمليك فلا شيوع كرهن من رجلين، وله أنها هبة النصف لكل منهما. وكذا لو فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح، ولأن الملك ثبت لكل في النصف فكذا التمليك لأنه حكمه فتحقق الشيوع، بخلاف الرهن انتهى.
وفيه: التسليم يمكن في الشائع، وهو رفع الموانع عن القبض ا ه. وسيأتي الكلام على أحكام المشاع مفصلا قريبا إن شاء الله تعالى. قوله: (مميزا غير مشغول) هو بمعنى غير مشاع، ولعله أراد محوزا: أي مجموعا احترازا عن الثمر على الشجر، أو المراد مميزا عن غير الموهوب وغير مشغول بغير الموهوب حتى لو وهب أرضا فيها زرع للواهب دون الزرع أو عكسه أو نخلا فيها ثمرة للواهب معلقة به دون الثمر أو عكسه لا يجوز، وكذا لو وهب دارا أو ظرفا فيها متاع للواهب. هندية. قوله: هو الايجاب والقبول لأنها عقد كسائر العقود. بحر. لكن في الثاني خلاف.
ففي القهستاني: وتصح الهبة بوهبت، وفيه دلالة على أن القبول ليس بركن كما أشار إليه في الخلاصة وغيرها، وقدمنا عن الهندية أن ركنها قول الواهب وهبت لأنه تمليك وإنه يتم بالمالك وحده، فحينئذ لا بد من القبض لثبوت الملك، وذكر الكرماني أن الايجاب في الهبة عقد تام، وفي المبسوط أن القبض كالقبول في البيع، ولذا لو وهب الدين من الغريم لم يفتقر إلى القبول كما في الكرماني، لكن في الكافي والتحفة أنه ركن، وذكر في الكرماني أنها تفتقر إلى الايجاب، لان ملك الانسان لا ينقل إلى الغير بدون تمليكه، وإلى القبول لأنه إلزام الملك على الغير، وإنما يحنث إذا حلف أن لا يهب فوهب ولم يقبل، لان الغرض عدم إظهار الجود ولقد وجد الاظهار، ولعل الحق الأول، فإن التأويلات التصريح بأنه غير لازم، ولذا قال أصحابنا: لو وضع ماله في طريق ليكون ملكا للرافع جاز. ا ه. لكن يمكن الجواب بأن القبول كما يكون بالصريح يكون بالدلالة فيكون أخذه قبولا دلالة كما يأتي.
وفي أبي السعود: وركنها الايجاب والقبول ولو دلالة، وإنما حنث لو حلف لا يهب فوهب ولم يقبل الموهوب له لأنه إنما منع نفسه عما هو في وسعه ويقضي بالبيع. وأجاب المقدسي بأن الهبة عقد تبرع فتتم بالمتبرع، بخلاف البيع. ا ه.
وفيه: واختلف في أن ركنها الايجاب والقبول أو الايجاب فقط، وإلى الثاني ذهب صاحب الهداية والوقاية.
واعلم أن المراد بالايجاب خصوص ما يوجد من طرف الواهب، واستدل له بما نقلناه عن القهستاني عن الخلاصة، بما نقلناه عن الكرماني ثم قال: فقولهم الايجاب ما يتلفظ به أولا ليس علي إطلاقه بل بالنسبة لعقود المعاوضات ا ه. وفيه: والقبول، ولو فعلا، ومنه ما قدمناه لو قال قد وهبت جاريتي هذه لأحدكم فليأخذها من شاء فأخذها رجل منهم تكون له وكان أخذها قبولا، وما في المحيط من أنه أن لا يشترط في الهبة القبول مشكل بحر.
وأقول: يمكن الجواب بأن المراد بالقبول القبول بالقول.
وفي الولوالجية: قال وهبت منك هذه العين فقبضها الموهوب له بحضرة الواهب ولم يقل قبلت صح، لان القبض في باب الهبة جار مجرى الركن فصار كالقبول ا ه.
وفي شرح المجمع لابن مالك عن المحيط: لو كان أمره بالقبض حين وهب لا يتقيد بالمجلس،