الله تعالى. قوله: (إذ حب الدنيا الخ) علة لمحذوف تقديره: ولا يتركه من غير تعليم ما ذكر فيشب على حب الدنيا وهو مذموم، إذ هو رأس كل خطيئة: أي فبهذا التعليم يخلص من هذه الآفة. قوله:
(وهي) أي الهبة. قوله: (وقبولها سنة) أي إلا لعارض، كأن علم أنه مال حرام أو أنه يمتن عليه بما أهداه إليه. قوله: (تهادوا) بفتح الدال وضمها خطأ، وبسكون الواو لأنه صيغة خطاب للجماعة من التهادي، وأصله تهاديوا لأنك تقول: تهادى تهاديا تهاديوا قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار تهادوا كما في مادة تعالوا أصله تعاليوا قال تعالى: * (تعالوا إلى كلمة سواء) * (آل عمران: 46) والأصل أن فعل الامر إذا لحقته واو الجماعة ينظر إلى مضارعه، فإن ختم بألف كيتهادى يفتح ما قبل الواو وإن ختم بياء كيرمي أو واو كيدعو يضم ما قبلها. قوله: (تحابوا) بتشديد الباء المضمومة، وهو أيضا صيغة خطاب للجماعة وأصله تحابوا ولكن سقطت النون لأنه جواب الامر، وأصله تحاببوا لأنه من التحابب من المحبة أدغمت الباء في الباء. وقال الحاكم: تحابوا إما بتشديد الباء من الحب وإما بالتخفيف من المحاباة.
قلت: رجح الأول الذي هو المشهور ما أخرجه البيهقي في شعب الايمان عن صفية بنت حرب عن أم حكيم بنت وداع أو قال وداع قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: تهادوا يزيد في القلب حبا وفي رواية تهادوا تحابوا تذهب الشحناء بينكم وقال عليه الصلاة والسلام الهدية مشتركة وقال عليه الصلاة والسلام من سألكم بالله فأعطوه، ومن استعاذكم فأعيذوه، ومن أهدى إليكم كراعا فاقبلوه وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يقبل الهدية ويثبت عليها ما هو خير منها. وفسر بعضهم * () * (النساء: 68) بالهدية.
وفي الأمثال: إذا قدمت من سفرك فأهد إلى أهلك ولو حجرا. وقال الفضل بن سهل: ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان، ولا سلت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا استميل المحبوب، ولا توقي المحذور بمثل الهدية. وفي كلام بعضهم: يفرح بالهدية خمسة: المهدي إذا وفق للفضل والمهدى إليه إذا أهل لذلك، والحمال إذا حملها، والملكان إذ يكتبان الحسنات: كذا في بعض كتب الأدب. قوله: (وشرائط صحتها في الواهب) قال في الهندية: وأما ركنها فقول الواهب وهبت لأنه تمليك، وإنما يتم بالمالك وحده، والقبول شرط ثبوت الملك للموهوب له، حتى لو حلف لا يهب فوهب ولم يقبل الآخر حنث. كذا في محيط السرخسي.
وأما شرائطها فأنواع: يرجع بعضها إلى نفس الركن، وبعضها يرجع إلى الواهب، وبعضها يرجع إلى الموهوب. أما ما يرجع إلى نفس الركن: فهو أن لا يكون معلقا بما له خطر الوجود والعدم من دخول زيد وقدوم خالد ونحو ذلك، ولا مضافا إلى وقت بأن يقول وهبت هذا الشئ منك غدا أو رأس شهر. كذا في البدائع. وأما ما يرجع إلى الواهب: فهو أن يكون الواهب من أهل الهبة، وكونه