العين بسبب الامر بقبضه. قوله: (فإن أمره بقبضه صحت) ويكون وكيلا قابضا للموكل ثم لنفس كما تقدم. قال في الحاوي القدسي: فإن قال الدين الذي لي على زيد هو لعمرو ولم يسلطه على القبض ولكن قال واسمي في كتاب الدين عارية صح، ولو لم يقل هذا لا يصح.
وفي البزازية: المرأة وهبت مهرها الذي على زوجها لابنها الصغير من هذا الزوج، إن أمرت بالقبض صحت وإلا لا، لأنه هبة الدين من غير من عليه الدين. ذكره الحموي. قوله: (إرادة الخير للواهب) يقصد بها دفع شر الموهوب له، وقد يراد به الخير للموهوب له. قوله: (دنيوي) بضم الدال وكسرها كما هما في دنيا. قوله: (كعوض) يشمل المال والمنفعة والدعاء، لما ورد في الحديث من أسدى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تقدروا فادعوا له فكان الدعاء عوضا عن العجز. قوله:
(ومحبة) أي من الموهوب له للواهب، لما ورد في الحديث تهادوا تحابوا ولأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، بل الفعل الجميل محبب حتى لغير من وصل إليه الجميل عند النفوس الكريمة.
قوله: (وحسن ثناء) لان الواهب يوصف بالجود ومكارم الأخلاق، وينتفي عنه سيمة البخل بالجود الذي هو دواء الداءات. قوله: (وأخروي) أي وهو الثواب إن حسنت النية، وحذفه للعلم به. وصرح به في شرح الملتقى فقال: أو الأخروي كالنعيم المقيم، ولأن منه امتثال أمر الله تعالى في قوله:
* (وتعاونوا على البر والتقوى) * (المائدة: 2) وأمر النبي في قوله: تهادوا واتباعا للسنة لما كان عليه النبي وأصحابه من التهادي وإيثار الاخوان على النفس، وهو واجب على المؤمن أن يفعله ويعلمه ولده، لما نقله الشارح عن الامام أبي منصور، وفاعل الواجب يثاب في الآخرة. قوله: (قال الإمام أبو منصور) بيان للأخروي. قوله: (يجب على المؤمن) الذي تفيده هذه العبارة أن هذا التعليم فرض عين ط.
قال بعض الحكماء: أصل المحاسن كلها الكرم، وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام، وسخاؤها بما ملكت على الخاص والعام، وجميع خصال الخير من فروعه. قال عليه الصلاة والسلام تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر، وفاتح له كلما افتقر وعن جابر بن عبد الله قال ما سئل رسول الله (ص) شيئا فقال لا وعنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار وقال بعض السلف: منع الجود سوء ظن بالمعبود، وتلا * (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين) * (سبأ: 93) وقال علي كرم الله وجهه: ما جمعت من المال فوق قوتك فإنما أنت فيه خازن لغيرك.
ومما يحكى في الجواد والايثار ما روي عن حذيفة العدوي أنه قال: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي في القتلى ومعي شئ من الماء وأنا أقول إن كان به رمق سقيته، فإذا أنا به بين القتلى، فقلت أسقيك؟ فأشار إلي أن نعم، فإذا برجل يقول آه، فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه، فإذا هو هشام بن العاص، فقلت أسقيك فأشار إلي أن نعم، فسمع آخر يقول آه، فأشار إلي أن انطلق إليه، فجئته فإذا هو قد مات، فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات رحمهم