وقت العارية، فإنه لو أمسكها بنفسه فهلكت في يده بعد مضي مدتها يضمنها كما قدمناه فكذا في يد الأجنبي، ولذا قال لتعديه بالامساك كما يؤخذ من عبارة الزيلعي. قوله: (وإلا فالمستعير يملك الايداع) إشارة إلى فائدة اشتراط التوقيت. قال الزيلعي: وهذا: أي قوله بخلاف الأجنبي يشهد لمن قال من المشايخ إن المستعير ليس له أن يودع.
وعلى المختار تكون هذه المسألة محمولة على ما إذا كانت العارية مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الأجنبي، لأنه بإمساكها بعد يضمن لتعديه فكذا إذا تركها في يد الأجنبي ا ه. وفي البرهان. وكذا يعني يبرأ لو ردها مع أجنبي على المختار بناء على ما قال مشايخ العراق من أن المستعير يملك الايداع، وعليه الفتوى، لأنه لما ملك الإعارة مع أن فيها إيداعا وتمليك المنافع فلان يملك الايداع وليس فيه تمليك المنافع أولى، وأولوا قوله وإن ردها مع أجنبي ضمن إذا هلكت بأنها موضوعة فيما إذا كانت العارية مؤقتة وقد انتهت باستيفاء مدتها وحينئذ يصير المستعير مودعا والمودع لا يملك الايداع بالاتفاق ا ه. شرنبلالية. فالقول بعدم إيداع المستعير ذهب إليه الكرخي. قال البقالي: وهذا أصح، وما مشى عليه المصنف من أنه يملكه هو قول مشايخ العراق، وبه أخذ أبو الليث والفضلي.
قال في التمرتاشية: وإليه أشار محمد في الأصل. وقال في الكافي: وعليه الفتوى، فبناء هذه المسألة على مذهب الكرخي ظاهر، أما قول المفتى به فمحمول على انتهاء الإعارة لانقضاء المدة بأن كانت مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الأجنبي كما في البحر.
قلت: لا فرق في إيجاب الضمان بين رد نفسه ورد غيره لو هلكت بعد مضي المدة، فحينئذ قيد الأجنبي لا يفيد. تدبر. أو بأن استعارها فاستخدمها وبعد انقضاء العمل ردها مع الأجنبي فهلكت يضمن، لما سبق من أنه لو عمل بعمل يتعين ذلك، وليس له أن يعمل آخر بعمل والايداع عمل آخر فيضمن فيظهر منه أنه لو ردها معه قبل الاستخدام ينبغي أن لا يضمن، فظهر أن هذا الحمل أولى.
على أنه لما انتهى العمل والإعارة صارت وديعة عند المستعير فيصير مودعا وهو لا يملك الايداع بالاتفاق ولذلك يضمن كما في الكافي وغيره.
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى بعد كلام: لكن تقدم متنا أنه يضمن في المؤقتة، وفي جامع الفصولين: لو كانت العارية مؤقتة فأمسكها بعد الوقت مع إمكان الرد ضمن، وإن لم يستعملها بعد الوقت هو المختار سواء توقتت نصا أو دلالة، حتى أن من استعار قدوما ليكسر حطبا فكسره فأمسك ضمن ولو لم يوقت ا ه. فعلى هذا فضمانه ليس بالارسال مع الأجنبي إلا أن يحمل على ما إذا لم يمكنه الرد. تأمل. ومع هذا يبعد هذا التأويل التقييد أولا بالعبد والأجير فإنه على هذا لا فرق بينهما وبين الأجنبي حيث لا يضمن الرد قبل المدة مع أي من كان ويضمن بعدها كذلك، فهذا أدل دليل على قول من قال: ليس له أن يودع، وصححه في النهاية كما نقله عنه في التتارخانية. قوله: (فيما يملك الإعارة) وهو ما لا يختلف، وظاره أنه لا يملك الايداع فيما يختلف وليس كذلك. وعبارة الزيلعي:
وهذا لان الوديعة أدنى حالا من العارية فإذا كان يملك الإعارة فيما لا يختلف فالأولى أن يملك الايداع على ما بينا، ولا يختص بشئ دون شئ، لان الكل لا يختلف في حق الايداع وإنما يختلف في حق الانتفاع ا ه. اللهم إلا أن يقال: ما عبارة عن الوقت أي في وقت يملك الإعارة، وهو قبل