أقول ووجهه ظاهر، لأنه وعده بالإعارة ولم يعره ولم يأذن له بالأخذ.
قال في البزازية: ولو استعار من آخر ثوره غدا فقال نعم فجاء المستعير غدا وأخذه فهلك لا يضمن لأنه استعار منه غدا وقال نعم فانعقدت الإعارة، وفي المسألة الأولى وعد الإعارة لا غير ا ه.
أقول: وبهاتين الصورتين اللتين صورهما البزازي ظهر أنهما مسألتان مختلفتان لا مسألة واحدة فيها قولان: أولاهما الضمان. وثانيهما عدمه، لان وجه الضمان في الأولى كما علمته أنه وعد ولا يجب الوفاء به فبأخذه يكون متعديا فيضمن، ووجه عدم الضمان في الثانية أنه عقد الإعارة وبين وقت الاعطاء فبأخذه يكون مأذونا فلا يضمن، ولعل ما قاله الطحطاوي على عبارة الشارح من أنهما قولان، وعزا في الهندية الأول إلى مجموع النوازل، والثاني إلى فتاوى أبي الليث على الصورة الثانية، فليس هما قولين بل هما مسألتان كما علمت، فتأمل. قوله: (جهز ابنته) أي الكبيرة، أما لو اشترى لها في صغرها فلا سبيل للورثة عليه ويكون للبنت خاصة. أفاده المصنف. قوله: (لا يقبل قوله) يعني سواء كان ذلك في حياتها أو بعد موتها. قوله: (أو تارة وتارة) عطفه بأو ليفيد أنه غير ما قبله، وليس كذلك بل هو صادق بصورتين، إذ الثانية تصدق بنفي الموضوع، فمعناه لم يعرف أصلا أو عرف تارة وتارة أو أن أو بمعنى بل. قوله: (به يفتى) وقيل لا يصدق في أنه عارية إلا أن يشهد بها عند التجهيز، وقيل يصدق مطلقا لأنه هو الدافع، فما لم يقر بالتمليك يكون القول قوله، وقيل إن كان الأب من كرام الناس وأشرافهم لا يقبل قوله في الإعارة وإن كان من أوساط الناس كان القول قوله. والمختار للفتوى أنه إن كان العرف مستمرا أن الأب يدفع ذلك الجهاز ملكا لا إعارة لا يقبل قوله، وإن كان العرف مشتركا فالقول قول الأب مع يمينه. وقد أفاده الشارح بقوله مما يجهز به مثلها وأفتى قارئ الهداية بقوله القول قول الأب والام أنهما لم يملكاها وإنما هو عارية عندكم مع اليمين إلا أن تقوم دلالة أن الأب والام يملكان مثل هذا الجهاز للابنة ا ه. وتقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب المهر، فراجعه إن شئت. قوله: (فإن القول له) ظاهره أن القول له حينئذ في الجميع لا في الزائد على جهاز المثل، وليحرر سيدي الوالد رحمه الله تعالى، لكن خالفه الرحمتي بقوله: فإن القول له: أي فيما زاد على ما يجهز به مثلها ا ه. فتأمل وراجع. قوله: (وولي الصغيرة) أي إذا جهزها بجهاز. قوله: (فيما ذكر) أي في اعتبار العرف وهذا الحكم في الام والولي بحث لابن وهبان. قال العلامة عبد البر: وفي الولي عندي نظر: أي فإن الغالب من حاله العارية، بخلاف الأبوين لمزيد شفقتهما، ولكن حيث كان العرف مستمرا أن الولي يجهز من عنده فلا نظر، وذكر المصنف في باب المهر أن الام كالأب وأن حكم الموت كحكم الحياة ط. قوله: (وفيما يدعيه الأجنبي) أي من أنه أعار المتوفى هذا الشئ لا يصدق إلا ببينة، وله أن يحلف الوارث إن أنكر على العلم كما هو الحكم في نظائرها ط. والأظهر من هذا أن يقال:
والحكم فيما يدعيه الأجنبي كذلك: أي لو جهزها الأجنبي ثم ادعى أنه عارية بعد موتها لا يقبل قوله إلا ببينة، لان الظاهر أنه لا يجهزها ويتركه في يدها إلى الموت إلا بمالها، بخلاف الأب والام فإنهما يجهزانها بمال أنفسهما، لكن يكون ذلك تمليكا تارة وتارة عارية، ولذا قال شارح الوهبانية: وفي الولي