وغرسه فيسأل أرباب الخبرة بأن هذا البناء والغرس لو بقي المدة المذكورة كم تساوي قيمته الآن، فإذا كان ألفا مثلا وقيمته الآن مقلوعا مائة فيضمن تسعمائة. قوله: (إلى المدة المضروبة) فيضمن ما نقص عنها كما علمت. قوله: (وتعتبر القيمة) أي ابتداؤها. قوله: (يوم الاسترداد) أي يوم أراد رب الأرض استردادها لان اعتبارها يوم الاسترداد أسهل كما في البحر عن الولوالجي. ومثله في أبي السعود.
خلافا لمن اعتبر قيمتها وقت مضي المدة. قوله: (قبل أن يحصد الزرع) من الاحصاد: أي يصير صالحا للحصاد: حصد الزرع: جزه حصدا وحصادا من باب طلب وضرب. كذا في المغرب. قال أبو السعود: من الثلاثي المجرد، قيل والأصح أن يقرأ بكسر الصاد من أحصد الزرع: إذا حان حصاده.
قوله: (وقتها أو لا) يوقت استحسانا. قوله: (فتترك بأجر المثل) فإذا حصد الزرع طالبه بأجر المثل وإن لم يعقد، وكان الفقيه أبو إسحاق الحفاظ يقول: إنما يجب الاجر إذا أجرها منه صاحبها أو القاضي وبدون ذلك لا يجب الاجر، فإن أبي المزارع ضمان أجر المثل وكره القلع وأراد تضمين رب الأرض قيمة الزرع اختلف كلام صاحب المنتقى، ففي موضع قال: له ذلك إلا أن يرضى رب الأرض بترك الزرع حتى يستحصد، وفي موضع قال: ليس له ذلك. هندية مختصرا مزيدا ط. ونص في البرهان على أن الترك بأجر المثل استحسان. ثم قال عن المبسوط: ولم يبين في الكتاب أن الأرض تترك في يد المستعير إلى وقت إدراك الزرع بأجر أو بغير أجر، قالوا: وينبغي أن تترك بأجر المثل كما لو انتهت مدة الإجارة والزرع بقل بعد ا ه. شرنبلالية، ومثله في الزيلعي.
أقول: ونظيره ما سبق من إعارة أمة ترضع ولده وإعارة فرس للغزو الخ. قوله: (مراعاة للحقين) حق صاحب الأرض المعارة لثبوت الرجوع له فيها وحق صاحب الزرع لأنه مغرور بإذنه له في الزرع. قوله: (أشار إلى الجواز في المعنى) وهو المختار كما في الغياثية.
وفي البحر بعد نقل هذه المسألة وعزوها إلى النهاية: ولو بنى حائطا في الدار المستعارة استرد المعير الدار، فإذا أراد المستعير أن يرجع إليه بما أنفق ليس له ذلك، وليس له أن يهدم الحائط إن كان البناء من تراب صاحب الأرض. كذا في الخلاصة.
وفي المحيط: لو استعار أرضا ليبني ويسكن وإذا خرج فالبناء لصاحب الأرض ولصاحب الأرض أجر مثلها مقدار السكنى والبناء للمستعير، لان هذه إجارة معنى لان الإعارة تمليك المنافع بغير عوض، ولما شرط البناء له كانت إجارة فاسدة لجهالة المدة والأجرة، لان البناء مجهول فوجب أجر المثل. ا ه. قوله: (على المستعير) لأنه قبض لمنفعة نفسه والرد واجب عليه. زيلعي قوله: (ضمنها) أي سواء استعملها بعد الوقت أو لا، وهو مختار السرخسي، واختار صاحب المحيط وشيخ الاسلام أنه إنما يضمن إذا استعملها بعد الوقت، أما إذا استعملها فلا ضمان كما في الشرنبلالية عن المجمع وفي الكافي أن العارية بعد مضي المدة تكون وديعة، وصححه في المجتبى حيث قال: والصحيح أن رد العارية لا يجب قبل الطلب وبعده يجب ا ه. وهو حكم الوديعة، ففي المسألة قولان مصححان.