بالوعد لقوله (ص): المسلمون عند شروطهم إتقاني. وقيد بقوله قبله لأنه لو مضى الوقت فصاحب الوقت يقلع الأشجار والبناء ولا يضمن شيئا عندنا إلا أن يضر القلع بالأرض فيتملك البناء والغرس بالضمان، ويعتبر في الضمان قيمته مقلوعا، هندية عن المحيط. قوله: (وضمن المعير للمستعير ما نقص البناء والغرس) لأنه لما وقت وقتا معلوما فالظاهر الوفاء بما وعد، فقد اعتمد على قوله ووثق به، فقد غره بخلفه فيضمن، بخلاف غير الموقت، هذا ما مشى عليه في الكنز والهداية.
وذكر في البحر عن المحيط: ضمان القيمة قائما إلا أن يقنعه المستعير ولا ضرر، فإن ضمن فضمان القيمة مقلوعا.
وعبارة المجمع: وألزمناه الضمان، فقيل ما نقصهما القلع، وقيل قيمتهما ويملكهما، وقيل إن ضر يخير المالك: يعني المعير يخير بين ضمان ما نقص وضمان القيمة، ومثله في درر البحار والمواهب والملتقى. وكلهم قدموا الأول، وبعضهم جزم به، وعبر عن غيره بقيل فلذا اختاره المصنف وهو رواية القدوري، والثاني رواية الحاكم الشهيد كما في غرر الأفكار.
فإن قلت: المغرور إنما يرجع بما لحقه من الضرر على الغار إذا كان في ضمن عقد المعاوضة، وهنا العارية عقد تبرع سواء وقت أم لم يوقت، فإنه بالتوقيت لا يلحق بالعقود اللازمة: حتى أن المعير بعد التوقيت كان له الرجوع عن توقيته فيأخذ المستعار قبل مضي الوقت، فكيف جاز رجوع المغرور على الغار في ضمن عقد التبرع ولا يرجع الموهوب له من ضمان الاستحقاق على الواهب لأنه ثبت في ضمن عقد تبرع.
قلت: قال في المبسوط: الوجه فيه أن كلام العاقل محمول على الفائدة ما أمكن فلا حاجة إلى التوقيت في تصحيح العارية شرها، ثم لما وقت المعير مع ذلك لا بد أن يكون لذكر الوقت فائدة، وليس ذلك إلا التزام قيمة البناء والغرس. فكأنه أراد إخراجه قبله فصار تقرير كلامه كأنه قال ابن في هذه الأرض لنفسك على أن أتركها في يدك إلى كذا، فإن لم أتركها فأنا ضامن لك ما تنفق في بنائك ويكون بناؤك لي، فإن بدا له في الاخراج ضمن قيمة بنائه وغرسه ويكون كأنه بنى له بأمره من النهاية ملخصا، وقوله وليس ذلك الخ بناء على ما ذكر الحاكم الشهيد. وأما على ما ذكره المصنف تبعا للكنز والقدوري، يقال: وليس ذلك إلا التزام ما نقص البناء والغرس بالقلع على الوجه المشروح، وقول الشارح ما نقص البناء والغرس أي نقصانه على أن ما مصدرية ويجوز أن تكون موصولة ونقص حينئذ من نقص المتعدي، فعلى هذا يكون البناء والغرس منصوبين، وعلى الأول مرفوعين. كذا في العناية.
قال قاضي زاده: لا يظهر وجه صحة كون البناء والغرس منصوبين هاهنا، لان الذي نقص البناء والغرس إنما هو القلع، فيصير المعنى على تقدير نصب البناء والغرس وضمن المعير قلع البناء والغرس، وليس هذا بصحيح، لان القلع ليس من جنس ما يضمن بل هو سبب الضمان، وإنما المضمون قيمة البناء المنتقصة بالقلع وتمنع أيضا صحة المعنى على ذلك التقدير، إذ يصير المعنى حينئذ:
وضمن المعير القلع بالقلع، ولا يخفى ما فيه، فالوجه رفع البناء والغرس لا غير. حموي. قوله: (بأن يقول الخ) بيانه إذا أعاره أرضا ليبني فيها أو يغرس مدة سنتين مثلا ثم رجع في العارية وأمره بقلع بنائه