ركب بعد ذلك بنفسه بالطريق الأولى لأنه استعمله بالملك، لأنه لو لم يملك لما ملك غيره، وأقره الاتقاني. قوله: (ما شاء) أي أي نوع شاء وأي فعل تعين.
روى بشر عن أبي يوسف: إذا استعار دابة أو ثوبا فاستعمل في المصر ثم خرج بها من المصر واستعمل فهو ضامن، وإن لم يستعمل ففي الثوب لا يضمن لان الخروج به حفظ، وفي الدابة يضمن لان الخروج بها تضييع معنى كما في الذخيرة.
ومن استعار دابة ليركبها إلى مكان معلوم ففي أي طريق ذهب وكان مما يسلكه الناس لم يضمن، وإن كان مما لا يسلكه الناس ضمن، لان مطلق الاذن ينصرف إلى المتعارف كما في الفصول العمادية. قوله: (لما مر) من العمل بالاطلاق. قوله: (وإن قيده بوقت) أي ولو التقييد معنى، حتى لو استعار كتابا ليحضر فيه درس فلان فأتمه أو ترك الدرس وجب رده لأنه مقيد معنى بمدة قراءة الكتاب وهو يحضره، وقدمنا مسألة استعارة القدوم وهي نظيرها.
قال في البحر: وإذا قيدها بوقت فهي مطلقة إلا في حق الوقت، حتى لو لم يردها بعد الوقت مع الامكان ضمن إذا هلكت سواء استعملها بعد الوقت أم لا ا ه، ولو كانت مقيدة بالمكان فهي مطلقة إلا من حيث المكان، حتى لو جاوزه ضمن، وكذا لو خالف ضمن، وإن كان هذا المكان أقرب من المكان المأذون فيه خلاصة.
وفي فتاوى قاضيخان: إذا استعار دابة إلى موضع كذا كان له أن يذهب عليها ويجئ، وإن لم يسم له موضعا ليس له أن يخرج بها من المصر ا ه. ومثله في جامع الفصولين. قوله: (أو بهما) أي فتتقيد من حيث الوقت كيفما كان، وكذا من حيث الانتفاع فيما يختلف باختلاف المستعمل، وفيما لا يختلف لا تتقيد لعدم الفائدة كما مر، وقد قيد هذا الأخير كما في البدائع، وقضى بالخلاف إلى مثل أو خير ولم يذكر التقييد بالمكان، لكن أشار إليه الشارح في الآخر. وذكره المصنف قبل قوله ولا تؤجر فقال: استعار دابة ليركبها في حاجة إلى ناحية سماها فأخرجها إلى النهر ليسقيها في غير تلك الناحية ضمن إذا هلكت، وكذا إذا استعار ثورا ليكرب أرضه فكرب أرضا أخرى يضمن، وكذا إذا كرى ثورا أعلى منه لم تجر العادة به.
وفي البدائع: اختلفا في الأيام أو المكان ما يحمل فالقول للمعير بيمينه. وفي الداماد: وإن اختلفا فيما يحمل على الدابة أو في مسافة الركوب والحمل أو في الوقت فالقول في ذلك كله للمعير بيمينه.
وفي جامع الفصولين: استعارها شهرا فهو على المصر، وكذا في إعارة خادم وإجارته وموصى له بخدمته ا ه. قوله: (لا إلى مثل) بأن استعار دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة معينة فحمل عليها هذا القدر من حنطة أخرى أو ليحمل عليها حنطة نفسه فحمل عليها حنطة غيره. قوله: (أو خير) بأن حمل قدر هذه الأقفزة المعينة من الشعير فإنه لا يكون ضامنا لأنه إنما يعتبر من تقييده ما يكون مفيدا، حتى لو سمى مقدارا من الحنطة وزنا فحمل مثل ذلك الوزن من الشعير ففي القياس يضمن، واختاره الامام السرخسي لأنه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما تأخذه الحنطة كذا في النهاية.