تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٤٥
أمر الحر القاتل وسيد القاتل رجلا بالصلح عن دمهما على ألف ففعل فإن صالح أحد الأولياء من حظه على عوض أو عفا فلمن بقي حظه من الدية ويقتل الجمع بالمفرد
____________________
المال إلا مقابلا به فيوفر عليه مقصوده وهو الحال. وقوله وإن صولح الخ أطلق في العبارة فشمل ما إذا كان المقتول متعددا والقاتل واحدا قبل القضاء بالقصاص أو بعده والاطلاق في محل التقييد لا ينبغي، فلو قال وإن صالح في واحد قبل القضاء بالقصاص أو بعده إلى آخره كان أولى لأن في قولنا في واحد يخرج ما إذا كان المقتول متعددا والقاتل واحدا قبل القضاء بالقصاص أو بعده والاطلاق في محل التقييد لا ينبغي، فلو قال وإن صالح في واحد أو حصل العفو، وبقولنا قبل القضاء أو بعده يفيد أنه إذا كان المقتول واحدا فالعفو يسقط القصاص قبل القضاء وبعده بخلاف ما إذا كان المقتول متعددا على تفصيل يأتي بيانه.
قال رحمه الله: (وتنصف أن أمر الحر القاتل وسيد القاتل رجلا بالصلح عن دمهما على ألف ففعل) معناه لو كان القاتل حرا وعبدا فأمر الحر القاتل ومولى العبد رجلا بأن يصالح عن دمهما على ألف درهم ففعل المأمور فالألف على الحر والعبد نصفان لأنه مقابل بالقصاص وهو عليهما على السواء فيقسم بدله عليهما بالسواء، ولان الألف وجبت بالعقد وهو مضاف إليهما فينصف موجبه وهو الألف عليهما. قال رحمه الله: (فإن صالح أحد الأولياء من حظه على عوض أو عفا فلمن بقي حظه من الدية) لأن كل واحد منهم متمكن من التصرف في نصيبه استيفاء وإسقاطا بالعفو وبالصلح لأنه يتصرف في خالص حقه فينفذ عفوه وصلحه فسقط به حقه من القصاص، ومن ضرورية سقوط حقه سقوط حق الباقين أيضا فيه لأنه لا يتجزئ، ألا ترى أنه لا يتجزئ ثبوتا فكذا سقوطا. وفي عبارة المصنف قصور من وجهين: الأول أنه يقال صالح عن كذا. وذكر في الكتاب كلمة من الثاني قوله من نصيبه يوهم تجزئ القصاص وقد قدمنا أنه لا يتجزئ، قال الشارح: بخلا فما لو قتل رجلين فعفا أولياء أحدهما حيث يكون لأولياء الآخر قتله لأن الواجب فيه قصاصان لاختلاف القاتل والمقتول فسقط أحدهما لا يسقط الآخر ألا ترى أنهما يفترقان ثبوتا، وكذا بقاء بخلاف ما نحن فيه فإذا سقط انقلب نصيب من لم يعف مالا لأنه تعذر استيفاؤه فيجب المال كما في الخطأ فإن سقوط القصاص فيه لمعنى في القتل وهو كونه مخطأ ولا يجب للعافي شئ لأنه أسقط حقه المتعين بفعله ورضاه بلا عوض بخلاف شركائه لعدم ذلك منهم فينقلب نصيبهم مالا والورثة في ذلك كلهم سواء. قال مالك والشافعي: لا حق للزوجين في القصاص ولا في الدية لأن في الوراثة خلافه وهي بالنسب دون السبب لانقطاعه بالموت. وقال ابن أبي ليلى: لا يثبت حقهما في القصاص لأن سبب استحقاقهما العقد والقصاص لا يستحق بالعقد ألا ترى أن الوصي لا يثبت له حق في القصاص لأن المقصود في القصاص التشفي والانتفاع وذلك يختص به الأقارب الذين ينصر بعضهم بعضا ولهذا لا يكون أحدهما عاقلة الآخر لعدم التناصر. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام من
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 37 38 41 44 45 47 51 52 53 55 ... » »»
الفهرست