تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٥٥
عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية لا فالخطأ من الثلث والعمد من كل المال وإن
____________________
وهو الخطأ، فإذا تعذر صيانة الاستيفاء القصاص من قبل من له الحق لا يصار إلى المال لأن الشرع غير حقه في القصاص لكن هو الذي فوته وفرط بإتيان ما أعجزه فأهدره فلم يبق مستحقا للنظر، وإذا أقر القاتل بالخطأ وادعى الولي العمد لم يقتص ولزمه الدية استحسانا.
وقال زفر: لا يلزمه شئ قياسا لأن ما أقربه لم يثبت لأنه كذبه المدعي في إقراره بمقتضي دعواه القصاص وصار كما لو أقر القاتل بالعمد وادعى الولي الخطأ لا يلزمه شئ فكذا هذا. ولنا أنهما تصادقا على القتل إلا أنه تعذر استيفاء القصاص بمعنى من قبل القاتل وهو دعوى الخطأ فتجب الدية صونا لدمه عن الهدر. ولان في زعم الولي أن القصاص هو الواجب إلا إنه لما أقر بالخطأ فقد أقر بالمال وللولي ترك القصاص وأخذ المال ولم يكن به صريحا فيكون له أخذ المال. ولو أقر بالعمد وادعى الولي الخطأ بطل حقه لا تعذر استيفاء القصاص جاء من قبل من له الحق الزيادات، ولو ادعى الولي العمد على رجلين فقال أحدهما أنا قطعت يده عمدا وهذا الآخر قطع رجله عمدا وأنكر الآخر الجناية قال: يقتص من المقر لأنهما تصادقا على وجوب القود ولو لم تتمكن الشبهة فيه حين أنكر الآخر الجناية لأنه يمكن الشبهة إنما يكون باختلاط الموجب وغير الموجب في المحل وذلك لا يتصور قبل وجوب الجناية من الآخر. وإذا ادعى الولي الخطأ فلا شئ على المقر لأنه لما أنكر الآخر الجناية صار كالعدم فبطل عدواه الخطأ، وإقرار القاتل بالعمد في هذا لا يجب شئ.
وإن مات رجل من قطع يده ورجله فقال رجل قطعت يده عمدا وقال قطع عمرو رجله عمدا فقال الولي بل أنت قطعتهما يجب القصاص عليه لأنهما تصادقا عل وجوب القصاص والشركة لم تثبت لعدم دعواه، فإن قال الولي لا أدري من قطع رجله فلا شئ على قاطع اليد لأن قاطع الرجل مجهول يجز أن يكون خاطئا أو صبيا أو مجنونا فتعذر إيجاب القصاص، وتعذر استيفاء القصاص جاء من قبل من له الحق، فإن جهل قاطع الرجل جهل قاطع اليد فلا يجب المال. ولو قال الولي بعد ذلك فلان قطع رجله عمدا وأنكر فلان ليس له أن يقتل المقر قياسا وله أن يقتله استحسانا لأن الولد لا يعرف قاتل أبيه عند كثرتهم فيعتذر في التناقض. وعبر المؤلف بمن التي لفظها مفرد ومعناه جمع لأنه لا فرق في الحكم بين ما إذا كان الفاعل مفردا أو متعددا.
قال رحمه الله: (فإن عفا المقطوع عن القطع فمات ضمن القاطع الدية ولو عفا عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية لا فالخطأ من الثلث والعمد من كل المال) يعني لو قطع يد رجل عمدا أو أخطأ فقال المقطوع عفوت عن القطع فمات ضمن القاطع في العمد الدية بخلاف ما لو قال عفوت عن الجناية كما سيأتي. وأطلق المؤلف في قوله والخطأ من ثلث المال ولم يفرق بين ما إذا كان العافي يخرج ويجئ أو كان لا يخرج سيأتي بيانه. وقوله
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 47 51 52 53 55 57 60 61 62 64 ... » »»
الفهرست