تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
والفرد بالجمع اكتفاء فإن حضر واحد قتل وسقط حق البقية ولا يقطع يد رجلين بيد
____________________
وقوله المزبورين فظاهر لأن قول صحابي واد وفعله لا يصلحان للمعارضة لكتاب الله تعالى فضلا عن الرجحان عليه، وإن انضم إليه إجماع الصحابة حيث كانوا متوافرين ولم ينكر عليه أحد منهم فحل محل الاجماع كما صرح به في العناية وغيرها فكذلك إذ قد تقرر في أصول الفقه أن الاجماع لا يكون ناسخا للكتاب ولا السنة كما لا يكون القياس ناسخا لشئ منهما، فالحق في أسلوب تحرير هذا المقام أن لا يتعرض لحديث كون الآية المذكورة مؤيدة لما هو مقتضى القياس في هذه المسألة وأن يبين عدم المنافاة بين مدلول تلك الآية وبين جواب الاستحسان ههنا وسيجئ منا الكلام في التوفيق بينهما بعيد القول إن شاء الله تعالى. قالوا: القتل بطريق التغالب غالب والقصاص شرع لحكمه الزجر فيجب تحقيقا لحكمه الاحياء. قال صاحب العناية: لقائل أن يقول ما ذكرت من المقتول إن لم يكن قياسا على مجمع عليه لا يكون معتبرا في الشرع، وإن كان فلا يربو عن القياس المقتضي لعدمه المؤيد بقوله تعالى أن النفس بالنفس. والجواب أنه قياس سائر أبواب العقوبات المرتبة على ما يوجب الفساد من أفعال العباد ويربو على ذلك بوقة الباطن وهو إحياء كلمة الاحياء وقوله تعالى أن النفس بالنفس لا ينافيه لأنهم في إزهاق الروح الغير المتجزئ عن مجموعهم وجعلهم كشخص واحد. اه‍ كلامه. أقول: فيه نظر لأن جعل الاشخاص المتعددة الذوات في الحقيقة شخصا واحدا بمجرد صدور إزهاق الروح الغير المتجزئ عن مجموعهم وجعلهم متساوين كشخص واحد بحيث يتحقق بين ذلك الشخص الواحد وبين هؤلاء لجماعة مماثلة معتبرة في القصاص بعيد جدا عن مساعدة العقل والنقل، وأيضا ينافي هذا ما سيأتي في تعليل المسألة الآتية من أن الأصل أن كل واحد منهم قاتل بوصف الكمال الصادر منهم بهذا الاعتبار فثلاث متعددة على عدد رؤوسهم فحصلت المماثلة المعتبرة في القصاص والحق عندي ههنا أن يقال: إن قوله تعالى أن النفس بالنفس لا ينافي ما قالوا في هذه المسألة إذ لا دلالة فيه على اعتبار الوحدة في النفس بل فيه مجرد مقابلة جنس النفس بجنس النفس كما ترى والمقصود منه الاحتراز عن أن تقتل النفس بما في قوله تعالى * (والعين بالعين والأنف بالأنف) * (المائدة: 45) ونحوهما. وأما أنه هل تحقق المماثلة المعتبرة في القصاص عند تعذر النفس في جانب القاتل والمقتول وإنما يستفاد ذلك من دليل آخر ألا ترى أن العين اليمنى لا تقتص بالعين اليسرى وكذا العكس مع أن قوله تعالى والعين بالعين لا يدل عليه نظرا إلى ظاهر إطلاقه بل إنما يستفاد ذلك من دليل آخر فكذا هنا تبصر. قال رحمه الله:
(والفرد بالجمع اكتفاء) يعني إذا قتل واحد جماعة يقتل بهم يعني إذا حضر الأولياء وطلبوا يقتل بهم. وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: يقتل بالأول فقط. لونا أنه لو قتل كل واحد منهم بوصف الكمال فيقتل بهم لحصول التماثل. وفي الحاوي: قتل رجلا فقيل له لم قتلت فلانا فقال قد كان ذلك كله مكتوبا في اللوح المحفوظ، ثم قال آخر لم قتلت غلامي فقال
(٤٧)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 41 44 45 47 51 52 53 55 57 ... » »»
الفهرست