تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٣
والأذن والعين أن ذهب ضوءها وهي قائمة وإن قلعها لا والسن وإن تفاوتا وكل شجة
____________________
(والعين ذهب ضوءها وهي قائمة وإن قلعها لا والسن وإن تفاوتا وكل شجة تتحقق فيها المماثلة) لقوله تعالى * والعين بالعين) * (المائدة: 45) يعني لو ضرب العين فأذهب ضوءها وهي قائمة يجب القصاص لأنه أمكن بأن تحمى لها المرآة وتجعل على وجهه قطن رطب وتشد عينه الأخرى ثم تقرب المرآة من عينه بخلاف ما إذا انقلعت حيث لا يقتص منه لعدم إمكان رعاية المماثلة، وكانت هذه الحادثة وقعت في زمن عثمان رضي الله عنه فشاور الصحابة فقال علي رضي الله تعالى عنه: يجب القصاص فبين إمكان الاستيفاء بالطريق التي ذكرناها. ثم هنا لم يعتبر الكبر والصغر حتى أجرى القصاص في الكل باستيفاء الكل واعتبر بالشجة في الرأس إذا كانت استوعبت رأس ذلك المشجوج وهي لم تستوعبه رأس الشاج فأثبت للمشجوج الخيار إن شاء اقتص وأخذ بقدر شجته، وإن شاء أخذ أرش ذلك لأن ما لحقه من الشين أكثر لأن الشجة المستوعبة لما بين قرينه أكثر شيئا من الشجة التي لم تستوعب ما بين قرينه بخلاف قطع العضو فإن الشين فيه لا يختلف، وكذا منفعته لا تختلف فلم يمكن إلا القصاص لوجود المساواة فيه من كل وجه، وإذا قلعت لا يجب حيث لا يمكن المماثلة إذ لا قدرة لنا أن نفعل به كما فعل من غير زيادة ولا نقصان فلهذا لا يجب القصاص. وفي الهداية: ولو قلع السن من أصله يقلع الثاني تماثلا. قال صاحب الكافي وعامة شراح الكتاب في هذا المقام: ولو قلع السن من أصله لا يقلع سنه قصاصا لتعذر اعتبار المماثلة فربما تفسد به المماثلة ولكن تبرد بالمبرد إلى موضع أصل السن، وعزاه الشارح إلى المبسوط. أقول:
أسلوب تحريرهم ههنا محل تعجب فإن أحدا منهم لم يتعرض لما ذكر في الكتاب لا بالرد ولا بالقبول بل ذكروا المسألة على خلاف ما ذكر في الكتاب، وكان من دأب الشراح التعرض لما في الكتاب إما بالقول وإما بالرد فكأنهم لم يروا أصلا، نعم القول الذي نقلته ههنا عن المصنف غير مذكور في بعض النسخ لكنه واقع في كثير من النسخ ليس بمثابة أن لا يطلع عليه أحد من الشرائع، كيف وقد أخذه صاحب الوقاية فذكره في متنه حيث قال: ولا وقود في عظم إلا في السن فتقلع إن قلعت وتبرد إن كسرت. وكان ما أخذه متن الوقاية هو الهداية كما صرح به صاحبه، وكذا ذكره في كثير من المتون: ثم إن التحقيق ههنا هو أنه إذا قلع سن غيره هل يقلع سنه قصاصا أم يبرد بالمبرد إلى أن ينتهي إلى اللحم؟ فيه روايتان كما أفصح عنه في المحيط البرهاني حيث قال: إن كانت الجناية بكسر بعض السن يؤخذ من سن الكاسر بالمبرد مقدار ما كسر من سن الآخر وهذا بالاتفاق، وإن كانت الجناية بقلع سن ذكر القدوري أنه لا يقلع سن القالع ولكن يبرد سن القالع بالمبرد إلى أن ينتهي إلى اللحم ويسقط الباقي، وإليه مال شمس الأئمة السرخسي.
وذكر شيخ الاسلام في شرحه أنه يقلع سن القلع وإليه أشار محمد في الجامع الصغير
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 29 30 31 32 33 37 38 41 44 45 ... » »»
الفهرست