تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٦٥
كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية وأن أشهدا أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش
____________________
تزوجتك على ألف درهم فقبلت فهو نكاح فكان المراد منه الايجاب فكذا هذا. قال رحمه الله:
(فإن صدقهما القاتل فالدية لهم أثلاثا) أي صدقهما القاتل دون الولي المشهود عليه لأن تصديقه لهما إقرار لهما بثلثي الدية ويلزمه لأنهم كانوا يزعمون أن نصيب الولي المشهود عليه قد سقط بعفوه وهو ينكر فلا يقبل قولهم عليه فوجب عليه كل الدية وللمنكر ثلثها. قال رحمه الله: (وإن كذبهما فلا شئ لهما وللآخر ثلث الدية) أي إن كذبهما القاتل أيضا بعد أن كذبهما الولي المشهود عليه بالعفو فلا شئ للوليين الشاهدين لأن شهادتهما عليه إقرار ببطلان حقهما عليه في القصاص فصح إقرارهما في حق أنفسهما، وإن ادعيا انقلابهما مالا فلا يصدقا في دعواهما إلا ببينة، وللولي المشهود عليه ثلث الدية لأن شهادتهما عليه بالعفو وهو ينكر بمنزلة إقرارهما بالعفو فينقلب نصيبهما مالا. وفي النهاية: وإن كذبهما المشهود عليه يجب على القاتل دية كاملة بينهم أثلاثا فجعل الضمير فاعل كذبهما المشهود عليه لا القاتل.
قال الشارح: وإن صدقهما الولي المشهود عليه وحده دون القاتل ضمن القاتل ثلث الدية للولي المشهود عليه لأنه أقر له بذلك. فإن قيل: كيف له الثلث وهو قد أقر أنه لا يستحق على القاتل شيئا بدعواه العفو؟ قلنا: ارتد إقراره بتكذيب القاتل إياه فوجب له ثلث الدية عليه. وفي الجامع الصغير: كان هذا الثلث للشاهدين لا للمشهود عليه وهو الأصح لأن المشهود عليه يزعم أنه قد عفا أو لا شئ له وللشاهدين على القاتل ثلث الدية دينا في ذمته والذي في يده وهو ثلث الدية مال القاتل وهو من جنس حقهما فيصرف إليهما لاقراره لهما بذلك كمن قال لفلان علي ألف درهم فقال المقر له ليس ذلك لي وإنما هو لفلان فإنه يصرف إليه فكذا هنا، وهذا كله استحسان. والقياس أن لا يلزم القاتل شئ لأن ما ادعاه الشاهدان على القاتل لم يثبت لانكاره. وما أقر به القاتل للمشهود عليه قد بطل بإقراره بالعفو لكونه تكذيبا له. وجوابه أن القائل بتكذيب الشاهدين قد أقر للمشهود عليه بثلث الدية لزعمه أن القصاص قد سقط بشهادتهما كما إذا عفا والمقر له لم يكذب القاتل حقيقة بل أضاف الوجوب إلى غيره فجعل الواجب للشاهدين وفي مثله لا يرتد الاقرار كمن قال لفلان علي كذا فقال المقر له ليس لي ولكنه لفلان على ما بينا. قيد المؤلف بقوله ولو شهد اثنان وإن كان الحكم في الواحد كذلك لأنه إذا علم أن شهادة الاثنين باطلة علم ببطلان شهادة الواحد الفرد من باب أولى. ولم يتعرض لما إذا شهدا معا أو متعاقبا ونحن نذكر ذلك ونذكر شهادة الفرد تتميما للفائدة.
وقال في المبسوط: له وليان اثنان فشهد أحدهما على صاحبه أنه عفا فهو على قسمين:
إما أن يشهد أحدهما على صاحبه بالعفو أو يشهد كل واحد منهما على صاحبه بالعفو. أما القسم الأول فهو على خمسة أوجه: إما أن يصدقه صاحبه والقاتل جميعا أو كذباه أو كذبه
(٦٥)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 60 61 62 64 65 67 71 73 74 75 ... » »»
الفهرست