تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٨١
الطريق وأوصى بأن يحج عنه يحج عنه من بلده والحاج عن غيره مثله.
باب الوصية للأقارب وغيرهم جيرانه مالاصقوه وأصهاره كل ذي رحم محرم من امرأته واختار زوج كل ذي رحم
____________________
الله: (ومن خرج من بلده حاجا فمات في الطريق وأوصى بأن يحج عنه يحج عنه من بلده) وإن أحجوا عنه من موضع آخر، فإن كان أقرب من بلده إلى مكة ضمنوا النفقة، وإن كان أبعد لا ضمان عليهم لأنهم في الأول لم يحصلوا مقصوده بصفة الكمال والاطلاق يقتضي ذلك، وفي الثاني حصلوا مقصوده وزيادة وهذا عند أبي حنيفة. وقال: يحج عنه من حيث مات استحسانا لأن سفره بنية الحج وقع قربة وسقط فرض من قطع المسافة بقدره وقد وقع أجره على الله * (ومن يخرج من بيته مهاجرا) * الآية. ولم ينقطع سفره بموته بل كتب له حج مبرور فيبدأ من ذلك المكان كأنه من أهل ذلك المكان بخلاف ما إذا خرج من بيته للتجارة لأن سفره لم يقع قربة فيحج عنه من بلده. ولأبي حنيفة أن الوصية تنصرف إلى الحج من بلده لأنه الواجب عليه عفى ما قررناه وعمله قد انقطع بالموت لقوله عليه الصلاة والسلام كل عمل ابن آدم ينقطع بموته إلا ثلاث الحديث. والمراد بالثلاث في حق أحكام الآخرة من الثواب. وهذا الخلاف فيمن له وطن، وأما من لا وطن له فيحج عنه من حيث مات بالاجماع لأنه لو حج بنفسه إنما كان يتجهز من حيث هو فكذا إذا حج غيره لأن وطنه حيث حل. قال رحمه الله:
(والحاج عن غيره مثله) أي المأمور بالحج عن الغير فحج عنه فمات في الطريق فحكمه حكم الحاج عن نفسه إذا مات في الطريق حتى يحج عنه كما بينا من وطنه عند أبي حنيفة، وعندهما من حيث مات الأول وقد ذكرناها في كتاب الحج والله أعلم.
باب الوصية للأقارب وغيرهم قال في العناية: إنما أخر هذا الباب عما تقدم لأن في هذا الباب ذكر أحكام الوصية لقوم مخصوصين وفيما تقدم ذكر أحكامها على وجه العموم والخصوص أبدا يتلو العموم.
وقوله جيرانه كان حق الكلام أن يقدم ذكر الوصية للأقارب نظرا إلى ما في الترجمة، ويجوز أن يقال الواو لا تدل على الترتيب وأن يقال قدم ذكر الجيران للاهتمام بهم. قال رحمه الله:
(جيرانه ملاصقوه) يعني لو أوصى إلى جيرانه يصرف ذلك للملاصقين لجداره، وهذا عند أبي حنيفة وهو القياس لأنه مأخوذ من المجاورة وهي الملاصقة ولهذا حمل قوله عليه الصلاة والسلام الجار أحق بشفعته حتى لا يستحق الشفعة غير الملاصق بالجوار، ولأنه لما تعذر صرفه إلى الجميع صرف إليه ألا ترى أنه يدخل فيه جار المحلة وجار الأرش وجار القرية فوجب صرفه إلى أخص الخصوص وهو الملاصق في الاستحسان، وفي قولهما جار الرجل
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 275 276 278 279 281 284 285 287 294 295 ... » »»
الفهرست