تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٨٨
باب القسامة
____________________
الكبير: وضع المسألة في الصبي الذي عمره اثني عشر سنة وذلك دليل عل أن غير العاقل يضمن بالاتفاق ولان التسليط غير معتبر فيه وفعله معتبر لأبي يوسف والشافعي رحمهم الله تعالى إذا أتلف مالا متقوما معصوما حقا للمالك فيجب عليه ضمانه كما إذ كان الوديعة عبدا أو كان الصبي مأذونا له في التجارة وفي الحفظ من جهة الولي، وكما إذا أتلف غير ما في يده ولم يكن معصوما لثبوت ولاية الاستهلاك فيه. ولهما أنه أتلف مالا غير معصوم فلا يؤاخذ بضمانه كما لو أتلفه بإذنه ورضاه. وهذا لأن العصمة تثبت حقا له وقد فوتها على نفسه حيث وضعه في يد غير مانعة فلا يبقى معصوما إلا إذا أقام غيره مقام نفسه في الحفظ ولا إقامة هنا لأنه لا ولاية له على الصبي حتى يلزمه ولا ولاية للصبي على نفسه حتى يلتزم بخلاف المأذون له لأن له ولاية على نفسه كالبالغ، وبخلاف ما إذا كانت الوديعة عبدا لأن عصمته لحق نفسه إذ هو مبقى على أصل الحرية في حق الدم فكانت عصمته لحق نفسه لا للمالك لأن عصمة المالك إنما تعتبر فيما له ولاية استهلاك حتى يمكن غيره من الاستهلاك بالتسليط وليس للمولى ولاية استهلاك عبده فلا يقدر أن يمكن غيره من ذلك فلا يعتبر تسليطه فيضمن الصبي باستهلاكه بخلاف سائر الأموال. قال في العناية: وإذا استهلك الصبي ينظر، إن كان مأذونا في التجارة وإن كان محجورا عليه لكنه قبل الوديعة بإذن وليه ضمن بالاجماع إن كان محجورا عليه وقبلها بغير أمر وليه فلا ضمان عليه عند الإمام ومحمد في الحال ولا بد الانزال، وقال أبو يوسف: يضمن في الحال. وأجمعوا على أنه لو استهلك مال الغير من غير أن يكون عنده وديعة يضمن في الحال وهو تقسيم حسن ا ه‍.
باب القسامة لما كان أمر القتيل يؤول إلى القسامة فيما إذا لم يعلم قاتله ذكرها هنا في باب على حدة في آخر الديات. والكلام في القسامة من وجوه: الأول في معناها لغة. والثاني في معناها شرعا. والثالث في ركنها. والرابع في شرطها. والخامس في صفتها. والسادس في دليلها.
اعلم أن القسامة في اللغة اسم وضع موضع الأقسام، كذا في عامة الشروح أخذا من المغرب. وقال في معراج الدراية. القسامة لغة مصدر أقسم كما لا يخفي على من له دراية بعلم الأدب. وأما في علم الشريعة فهي أيمان يقسم بها أهل محلة أو دار أو غير ذلك وجد فيها قتيل به أثر يقول كل منهم والله ما قتلته ولا علمت له قاتلا، كذا في العناية. قال في النهاية: وأما تفسيرها شرعا فما روى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال في القتيل الذي يوجد في المحلة أو دار رجل في المصر إن كان جراحة أو أثر ضرب أو أثر خنق ولا يعلم قاتله
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست