تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٢
باب القصاص فيما دون النفس يقتص بقطع اليد من المفصل وإن كانت يد القاطع أكبر وكذا الرجل ومارن الأنف
____________________
السرقة فاتبعه فقتله فلا شئ عليه) لقوله عليه الصلاة والسلام قاتل دون مالك أي لأجل مالك، ولان له أن يمنعه بالقتل ابتداء فكذا له أن يسترده به انتهاء إذا لم يقدر على أخذه منه، ولو علم أنه لو صاح عليه يطرح ماله فقتله مع ذلك يجب عليه القصاص لأن قتله بغير حق وهو بمنزلة المغصوب منه إذا قتل الغاصب حيث يجب عليه القصاص لأنه يقدر على دفعه بالاستعانة بالمسلمين والقاضي فلا تسقط عصمته بخلاف السارق والذي لا يندفع بالصياح والله تعالى أعلم.
باب القصاص فيما دون النفس لما فرع من بيان القصاص فيما دون النفس شرع في بيان القصاص فيما دون النفس لأن الجزء يتبع الكل. قال رحمه الله تعالى: (يقتص بقطع اليد من المفصل وإن كانت يد القاطع أكبر وكذا الرجل وما رن الانف والاذن) لقوله تعالى: * (والجروح قصاص) * (المائدة: 45) أي ذو قصاص لقوله تعالى: * (والسن بالسن) * (المائدة: 45) والقصاص يبني على المماثلة فكل ما أمكن فيه رعاية المماثلة يجب فيه القصاص وما لا فلا. وقد أمكن في هذه الأشياء التي ذكرناها ولا عبرة بكبر العضو لأنه لا يوجب التفاوت في المنفعة، وإذا قلنا أن المدار عن التساوي في المنفعة فلا تقطع اليمنى باليسرى، ولا الصحيحة بالشلاء، ولا يد المرأة بيد الرجل، ولا يد الحر بيد العبد. وقيد بقوله من المفصل لأنه لو قطع ذلك من غير المفصل لا قصاص فيه. وفي النوادر روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه إذا قطع شحمه اذنه يقتص منه، وإن قطع نصف إذنه وكان يقدر أن يقتص مثل ذلك اقتص منه لأن شحمة الأذن لها حد معلوم وللاذن مفاصل معلومة، فإذا قطع منها شئ يعلم أن القطع من أي المفصل أمكن القصاص، وكذلك إذا قطع غضروف الاذن قطعا يستطاع فيه القصاص اقتص منه يعمل ذلك بحديدة أو بغير حديدة. وإن جذب أذنه فانتزع شحمته لا قصاص فيه وعليه الأرش في ماله، وإن كان أذن القاطع سكا أي صغيرة الخلقة وأذن المقطوع صحيحة كبيرة كان بالخيار إن شاء ضمنه نصف الدية، وإن شاء قطعها على صغرها. وكذلك لو كانت أذن القاطع مقطوعة أو خرماء أو مشقوقة كان المقطوع بالخيار، وإن كانت الناقصة هي المقطوعة كان له حكومة عدل لا قصاص فيه. وفي نوادر ابن سماعة عن محمد: ولو قطع المارن وهو أرنبه الانف ففيها القصاص، وإن قطع من أصله لا قصاص عليه لأنه عظم وليس بمفصل ولا قصاص في العظم. قال أبو حنيفة: لو قطع ذكره من أصله أو من الحشفة منه لأنه أمكن استيفاؤه وعلى سبيل المساواة إذ له حد معلوم فأشبه اليد من الكوع. قال رحمه الله:
(٣٢)
مفاتيح البحث: القصاص (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 27 29 30 31 32 33 37 38 41 44 ... » »»
الفهرست